اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 499
أما الباشا محمد علي والي مصر، فقد فتن بالغرب، وتابع سياستهم، وسار على خطاهم، وما فتئ خلال حكمه الطويل الذي بلغ خمسة وأربعين عاماً تقريباً يتولي الكفار ويصانعهم، ويعلي من شأنهم ويقوم باتباعهم والاقتباس من نظمهم وقوانينهم، والسير في ركابهم، مع شدة بطشه وتنكيله بالمسلمين، واستهانته بهم؛ فقد تخطى عقيدة الولاء والبراء وضربها في الصميم، ليرضي أسياده الصليبيين وليخضع أمته وشعبه المسلم للمخططات اليهودية فقد اعتاد محمد علي باشا أن يكون أغلب المحيطين به من النصارى واليهود، الذين تغلغلوا في حكومته وبلاطه، خصوصاً نصارى الأرمن من أعداء الملة الذين هم خاصته وجلساؤه وأهل مشروته، وشركاؤه في اختلاس أموال الدولة ونهب خيراتها [1].
وفتح البلاد على مصرعيها لأفواج النصارى الصليبيين للبحث والتنقيب، واكتشاف الآثار، ودراسة الأماكن دراسة دقيقة بل ومساعدته لهم وتذليله الصعاب في طريقهم [2].
لقد قام النصارى بدراسة مراكز الثروة، ودراسة المواقع دراسة تخطيطية، مما افادهم ولاشك في احتلال مصر فيما بعد عام 1882م خصوصاً إذا علمنا أن كثيراً من هؤلاء المنقبين كانوا من الانكليز، وكانت هناك أهداف أخر لم يفطن لها كثير من الباحثين ونترك الحديث لأحد المستشرقين في كتابه (الشرق الأدنى؛ مجتمعه وثقافته): (إننا في كل بلد اسلامي دخلناه، نبشنا الأرض لنستخرج حضارات ماقبل الاسلام، ولسنا نطمع بطبيعة الحال أن يرتد مسلم الى عقائد ما قبل الاسلام، ولكن يكفينا تذبذب ولائه بين الاسلام وبين تلك الحضارات ... ) [3].
وعلى ضوء ماسبق من أهداف نستطيع أن نفسر أهتمامات هؤلاء النصارى بشق البلاد طولاً وعرضاً، وإنفاقهم الأموال الطائلة في كشف الآثار وتعريتها بدءاً بالفرنسيين ثم الانكليز الذين ساروا على خط واحد في تنفيذ هذه الأهداف الخبيثة [4].
يقول الاستاذ محمد قطب: (ولكن المخطط الخبيث الذي حمله الصليبيون معهم وهم يجوسون خلال الديار كان هونبش الأرض الاسلامية لاستخراج الحضارات، تمهيداً لاقتلاعهم نهائياً من الولاء للاسلام) [5]. [1] انظر: الانحرافات العقدية والعلمية (1/ 165). [2] المصدر السابق نفسه (1/ 170). [3] انظر: واقعنا المعاصر، ص202. [4] انظر: الانحرافات العقدية والعلمية (1/ 171). [5] انظر: واقعنا المعاصر، ص202.
اسم الکتاب : الدولة العثمانية عوامل النهوض وأسباب السقوط المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 499