اسم الکتاب : الدولة الفاطمية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 133
إلى الكتاب وإلى الصراط المستقيم, وكان الذي طلب من السلطان نور الدين الشيخ عمر الملاء بطلب من الأمراء, فلما وصل رد السلطان إلى الشيخ عمر جمع أهل الموصل وقرأ عليهم الكتاب وقال: «انظروا في كتاب الزاهد إلى الملك, وكتاب الملك إلى الزاهد» [1].
هذا الذي ذكرت بعض سيرة السلطان نور الدين محمود ليعلم القارئ أن الذي يكرمه الله بنصره وتأييده له لابد أن يكون ربانيًا موصولاً بالله تعالى.
وكانت سياسة دولة نور الدين محمود لها أهداف رسمتها وسعت سعيًا حثيثًا لتحقيقها, ومن أهم تلك الأهداف الواضحة المعالم:
أولاً: إعداد الشعب إسلاميًا وتطهير الحياة الدينية والثقافية من التيارات الفكرية المنحرفة كالباطنية, وآثار الفلسفة اليونانية, والممارسات العبيدية للعبادات والشعائر, ولهذا الهدف النبيل عمدت الدولة إلى بناء المدارس ودور القرآن ودور الحديث, واستقدمت مشاهير العلماء والتربية, وخاصة الذين تخرجوا من المدرستين التربويتين الغزالية والقادرية, وانصبت الخطة التعليمية التربوية في زمن السلطان نور الدين محمود على صياغة الجماهير المسلمة بما يتفق مع أهداف الإسلام على أسس عقدية واضحة المعالم, وكانت محاضن هذا الإعداد في المدارس والمساجد, وكان في دمشق وحدها أكثر من مائة مسجد, وركزت تلك الانطلاقة العلمية على بث روح الإسلام ذات المفاهيم السنية والطريقة النبوية, واستهدفت تجفيف وحسر التعاليم والمذاهب الإسماعيلية والفلسفية التي تركت آثارًا عميقة في عقائد السكان وعاداتهم ومواقفهم السياسية والاجتماعية, والتي من أجلها وصفهم ابن جبير بأنهم لا إسلام لهم, وأنهم أهل أهواء وبدع إلا من رحم الله, ومنعت الدولة الزنكية كل المظاهر العبيدية في البلدان التي ضمتها إلى أملاكها, فمنعت من الأذان «حي على خير العمل» والتظاهر بسب الصحابة, وأنكرت ذلك إنكارًا شديدًا, [1] ابن القاضي شهبة, الكواكب الدرية, ص (26،25).
اسم الکتاب : الدولة الفاطمية المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 133