responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدولة الفاطمية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 132
ونسائكم وأولادكم. وكتب بذلك إلى سائر ممالكه وبلدان سلطانه, وأمر الوعاظ أن يستحلوا له من التجار, وكان يقول في سجوده: اللهم ارحم المكاس العشار الظالم محمود الكلب [1]. وكان -رحمه الله- يحارب روح التزلف والنفاق للمسئولين, فمن ذلك أنه منع خطباء المساجد الذين يبالغون في الدعاء له ويصفونه بالعبارات الرنانة التي تعودوا أن يتقربوا بها إلى قلوب السلاطين, فطلب إلى خالد بن محمد بن نصر القيسراني أن يوقف ذلك, وأن يكتب له صيغة دعاء بسيط تطابق الواقع بأحواله وأفعاله, فكتب له الصيغة التالية:
«اللهم أصلح عبدك الفقير إلى رحمتك, الخاضع لهيبتك, المعتصم بقوتك, المجاهد في سبيلك, المرابط لأعداء دينك: أبا القاسم محمود بن زنكي بن آق سنقر ناصر أمير المؤمنين».
فقرأ نور الدين نسخة الدعاء وعلق عليها العبارة التالية: «مقصودي ألا يكذب على المنبر, أنا بخلاف كل ما يقال أأفرح بما لا أعمل؟! قلة عقل عظيم, الذي كتبت هو جيد اكتب به نسخًا حتى نسيره إلى جميع البلاد» ثم أضاف: «ثم يبدأ بالدعاء: اللهم أره الحق حقًا, اللهم اسعده, اللهم انصره, اللهم فقهه ... من هذا الجنس» [2].
وعندما طُلب من نور الدين أن يسمح للأمراء أن يعملوا بنوع من السياسة؛ لأن المفسدين وقطاع الطرق قد كثروا ويحتاج إلى نوع من السياسة, ومثل هذا لا يجئ إلا بقتل وصلب وضرب, وإذا أخذ مال إنسان في البرية من يجئ ليشهد له؟.
فلما وصل الكتاب إلى نور الدين قلبه وكتب على ظهره: «إن الله تعالى يخلق الخلق وهو أعلم بمصلحتهم, وإن مصلحتهم تحصل فيما شرعه على وجه الكمال, ولو علم أن على الشريعة زيادة في المصلحة لشرعه لنا, فما لنا حاجة إلى زيادة على ما شرعه الله تعالى, فما زاد فقد زعم أن الشريعة ناقصة فهو يكملها بزيادته, وهذا من الجرأة على الله وشرعه, والعقول المظلمة لا تهدي, فالله سبحانه وتعالى يهدينا

[1] انظر: د. حسين مؤنس- نور الدين محمود, ص (401،400).
[2] المصدر السابق, ص (441،440).
اسم الکتاب : الدولة الفاطمية المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 132
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست