اسم الکتاب : السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 139
أن قطز كان متديناً عفيفاً، صاحب تقوى وورع، وهذه الصفة أكسبته الشجاعة والإقدام في الحروب، وجعلته يستبسل ويقدم روحه رخيصة، ويستهين بالموت، وبخاصة عندما قتل حصانه، واستمر في القتال دون جواد، وكان في مقدمة الجيش يقاتل عن حمية وعقيدة [1]، وكانت له مواقف إيمانية متميزة منها:
أـ وضوح الرؤية ونقا الهوية: كان على إعتقاد جازم بأن النصر لا يكون إلا من عنده سبحانه وتعالى، ولذلك إهتم قطز بالناحية الإيمانية عند الجيش وعند الأمة وعظم دور العلماء وحفز شعبه لحرب التتار من منطلق إسلامي وليس من منطلق قومي أو عنصري، ولخص ذلك في عين جالوت في كلمته العظيمة ((وا إسلاماه)) ولم يقل: ((وا مصراه))، أو ((وا ملكاه))، أو ((وا عروبتاه))، لقد كانت الغاية واضحة والهوية إسلامية تماماً، ووضوح الرؤية ونقاء الهوية كان سبباً من أسباب النصر، بل هو أعظمها على الإطلاق [2].
ب ـ الدعاء سلاح فتاك: حرص سيف الدين قطز قبل بدء المعركة أن يتأخر الناس في مواجهة الأعداء كما قال: حتى تدور الشمس وتفيء الظلال وتهب الرياح ويدعو لنا الخطباء والناس في صلاتهم [3]، وكان هذا العمل تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده حيث كانوا يحبون أن يكون القتال بعد الزوال، وقد نشبت المعركة وكان القتال شديداً على المسلمين، حتى أن الأعداء كادوا يزيلونهم عن مواقعهم، وكان السلطان قطز يثبت الناس وينحاز إلى بعض نواح الجيش حينما يحس ضعفاً منهم حتى يقوي من عزيمته ويشجعهم، وكان له عدة مواقف شجاعة أثناء المعركة [4].
جـ ـ الحرص على الشهادة: في معركة عين جالوت، قتل جواده ولم يجد أحداً في الساعة الراهنة من الوشاقية الذين معهم الجنائب فترجل وبقي واقفاً على الأرض ثابتاً والقتال على أشده في المعركة، وهو في موضع السلطان من القلب، فلما رآه أحد الأمراء ترجل عن فرسه وحلف على السلطان ليركبنها، فامتنع وقال لذلك الأمير: ما كنت لأحرم المسلمين نفعك ولم يزل كذلك حتى جاءته الوشاقية بالخيل فركب، فلامه بعض الأمراء وقال: يا خونت لم لا ركبت فرس فلان فلو أن بعض الأعداء رآك لقتلك، وهلك الإسلام بسببك، [1] المصدر نفسه صـ128. [2] قصة التتار صـ353. [3] الفتوح الإسلامية عبر العصور صـ347. [4] المصدر نفسه صـ347، الطريق للقدس محسن محمد صـ175.
اسم الکتاب : السلطان سيف الدين قطز ومعركة عين جالوت المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 139