اسم الکتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس المؤلف : عماد الدين الكاتب الجزء : 1 صفحة : 297
وانفضاض دهم سلاهبه؛ اصطف له بمن اصطفاه من الأنجاد الانجاب، وفض على الفضاء سحاب الصحاب. وبسط على البسيطة رداء الردى، وأعدى بعلوه على العدا. وركب في كل ضرب يعد الضرب ضربا من الضرب، وكل بطل لمحق المبطل محق الطلب، وكل باسل سالب من كباش الأقران القرون، وكل عاسل بعاسل يمين بالمنى ويمون المنون. وكل شجاع أشاجعه وصائل القواطع، وكل مقدام قوادمه عوائق الوقائع، وكل طائر بأدنحة السوابق، زائر بأسلحة البوائق، محلق بخوافي الخوانق، مطرق لطوارئ الطوارق. وكل ذمر مشيح، بالذمار شحيح، وكل قاس قوسه عاطف، وكل راع نصله راعف. وكل صاد عزمه صادق، وكل رام لحظ سهمه إلى المقاتل رامق.
وأيد رجاء الرجال بأياديه وقوى عزائم أوليائه لإضعاف أعاديه، ورغب بالرغائب وأملى ضيوف الآمال، بفيوض أمواه المواهب ونخى المنتخين، وانتخب المنتخبين. وأقدم في كل مقدم مقدام، وضيغم ضرغام، وهمام همام. ومعتقل أسمر يرشف ظلم القلوب، ومشتمل أبيض يكشف ظلم الحروب. وكل من يخال الطعن ضرب القداح والضرب بحد السوام، وكل من ينال اعتزاز الجد بجد الاعتزام. وكل من يعيد أفاحي البيض شقائق، ويصل بها إذا فارقت أغمادها المرافق. وكل من عنانه في يمين الجماح، وسنانه مردود عيون الجراح.
وكل من ذبال سمهريه يلتهب، وذباب مشرفيه يضطرب. ووجوه صوارمه تبكي وتضحك، وعيون لهاذمه تفتك وتبتك. ولحاظ سهامه عن حواجب قسه ترمى، وسواعد سيوفه من أيدي الأيد تمد وتدمى. وكل أشعث الهامة ذي همة، تشعب صدع كل ملمة. وكل شهم شيظمى، أباء حمى. مجرب محرب، مقرب على مقرب، مطهر على مطهر، جار بمرجم، بار بمخذم، ضار بأقرقم. جواد حليم،
تحمد في الوغى جهلاته على جواد كريم تدعو إلى الردى صهلاته. وكل بحر مستلئم بغدير، وكل من عنده إذا لبس الحديد إنه لابس حرير.
فلما بصر عسكر خلاط بعسكره اختلط، وود لو استدرك الغلط. وجاش وطاش، ورام من عثرته الانتعاش. وولى هزيما، ولوى هشيما. وأغنم العسكر التقوى سلاحه وخيله، وجر تراب الذلة ذيله. وظفر الملك المظفر بالملك، وأسلم العدا إلى الهلك. وقيد إليه أمراء أسروا، واصاء كسروا، فأطلق سراحهم، وأنهض بتشريفاته جناحهم. ثم حل من صحراء موش، وساق إلى خلاط الجيوش. ثم بدا له من حصارها فأقرها بسلب قرارها. وعرج على قلعة شميران فتشمر لها، وفتح مقفلها، وكان مجد الدين بن الموفق - وزير خلاط بها محبوسا، ومن حياته يئوسا. فخلصه واستخلصه، وكسر حتى طار منه قفصه، وأنه لمن اعجب القصص لو شرحت قصصه.
ثم راح إلى ميلازكرد، ونازلها بالتضييق، وقاتلها بالمنجنيق. وحشد إليها الأمداد، وأورى فيها من عزائمه الزناد. وجاءته عساكر (أرز الروم) منجدة من جدة، موجدة لما لها من موجدة. تقدمها الملكة ماما خاتون بنت سلدق كأنها في الأهبة والأبهة من ملوك سلجق. ووفد إلى
اسم الکتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس المؤلف : عماد الدين الكاتب الجزء : 1 صفحة : 297