اسم الکتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس المؤلف : عماد الدين الكاتب الجزء : 1 صفحة : 291
الملك العادل بأخت ملك الانكتير، وأن يعول عليهما من الجانبين في التدبير. على أن يحكم العادل في البلاد، ويجري فيها الأمر على السداد. وتكون المرأة في القدس مقيمة مع زوجها، وشمسها من قبوله في اوجها. ويرضى العادل مقدمي الفرنج والداوية والاسبتار ببعض القرى، ولا يمكنهم من الحصون التي في الذرا. ولا يقيم معها في القدس إلا قسيسون ورهبان، ولهم منا أمان وإحسان.
واستدعاني العادل والقاضي بهاء الدين بن شداد؛ وجماعة من الأمراء من أهل الرأي والسداد؛ وهم: علم الدين سليمان بن جندر وسابق الدين عثمان وعز الدين بن المقدم وحسام الدين بشارة، وقال لنا: تمضون إلى السلطان، وتخبرونه عن هذا الشأن. وتسألونه أن يحكمني في هذه البلاد، وأنا أبذل فيها ما في وسع الاجتهاد.
فلما جئنا إلى السلطان عرف الصواب، وما أخر الجواب. وشهدنا عليه بالرضى،
وحسبنا إنه كمل الغرض وانقضى. وذلك في يوم الاثنين تاسع عشري رمضان.
وعاد الرسول إلى ملك الانكتير لفصل أمر الوصلة، وإراحة الجملة وإزاحة العلة. واعتقدنا أن هذا لمر قد تم، ونشر انضم، وصلاح عم، وصلح اذم، وحكم مضى، واستحكم به الرضى. وإن الأنثى تميل إلى الذكر، وتزيل وساوس الفكر. وأن بركوب الفحل، النزول على الذحل وأن الشَكر يجلب الشُكر، ويبدل بالعرف النكر. وأن الوقاع يؤمن من الوقائع. وأن القراع ينقضي بانقضاض القارح القارع. وأن الحرب بكسر الحاء وحذف الباء سلم. وأن عزم العرس في العسر يسر وغنم. وأن هذا الأخ لتلك الأخت كفو. وأن هذا العقد للخرق المتسع رفو، وأن الكدر يعقبه صفو. وأن التزويج ترويج، وتقويم لما فيه تعويج.
وشاع الذكر، وضاع النشر، وذاع السر. وبلغ الخبر إلى مقدميهم ورءوسهم، فقصوه على قسوسهم، وعسروا على عروسهم. فجبهوها بالعذل واللذع، (وأنجهوها بالقدع) والقذع. وقالوا لها: كيف تفجئيننا بأفجع ملم مؤلم، وتسلمين بضعك لمباضعة مسلم. فإن تنصر تبصر، وأن تسرع فما تعسر. وإن أبى أبيناه، وإن أتى أتيناه، وأن خالف خالفناه، وإن حالف حالفناه. وأي وجه هاهنا للائتلاف، ونحن لاختلاف الدين ندين بالخلاف.
فرهبت بعد ما رغبت، وبطلت بعد ما طلبت، وسلت بعد ما سألت، ونزت بعدما نزلت، وكرهت وكانت شرهت، وكانت اكتحلت فودت إنها مرهت. فأرسلت إلى الرسول، وأقبلت عليه بالقبول. ثم تصلبت في القسم وأقسمت بالصليب، أنها مجيبة إلى التقرير والتقريب. وأنها مسارعة إلى التمكين، لكن بشرك الموافقة في الدين. فأنف العادل وعدل عن استئناف الحديث، وأبى الله أن يجمع بين الطيب والخبيث.
اعتذر الملك بامتناع أخته، وأنه في معالجتها وتعرف رضاها في وقته. وكان قد استقر مع تمام العهد؛ وانتظام العقد؛ مفاداة كل أسير بأسير، كبير بكبير، وصغير
بصغير. وبشر أولياء الطاغوت، بصليب الصلبوت. فبطل التدبير، وعطل التقدير، وذلك ثاني يوم العيد.
اسم الکتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس المؤلف : عماد الدين الكاتب الجزء : 1 صفحة : 291