responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس المؤلف : عماد الدين الكاتب    الجزء : 1  صفحة : 230
وذخائر نصر عند اعتزامه. فاستشارهم واستثار كوامن سرائرهم، واستنبط دفائن ضمائرهم. واستكشف منهم الصواب، وتعرف
من جانبهم الجواب.
فقالوا الصواب أن يفسح لهم عن هذه المروج، حتى يكون دخولهم إليها يوم الخروج. فنصبحهم في اليوم الآخر، ولا يتعذر بهم إحداق العساكر. وإنما لا يقدرون على القصد دفعة واحدة؛ إلا إذا كانت أيديهم متساعدة، وآراؤهم متعاقدة. فإن انفردوا عن الراجل وساقوا؛ كسرناهم وأسرناهم. وإن توقفوا للراجل، قصدناهم حيث نزلوا ولقيناهم وصددناهم.
وأجمعنا على أن نرحل إلى شفرعم ونخيم على هضابه، ونبطل على العدو ما كان من البيات في حسابه. فخيمنا هناك على أحسن تعبية، وسنينا أسباب اللقاء أتم تسنية. ورحبت المنازل، وعذبت المناهل، وعادت معالم تلك المجاهل. وحللنا التلاع والآكام، وركزنا بتلك الأعلام الأعلام. ونزلنا لمقام الشتاء مستعدين، ولأسباب التوقي من الأمطار مستجدين.
وأضحينا على تلك الاطواد موطدين، وعند تلك الأوتاد موتدين. وتسمنت تلك الفروع وفرعت تلك الأسمنة، وتمكنت تلك البنى وبنيت تلك الأمكنة. وتحركت تلك الجبال بسكانها، وأحبت الرجال التوطن بها وسلت عن أوطانها. ودارت الأسواق، ودرت الأرزاق، وأنارت الآفاق. وصهلت الصلادم على معالفها، وصقلت اللهاذم لمراعفها. ونوب اليزك بحالها تدور وترود، وتعيج رسم الحفظ والحماية وتعود. والحرب تتناوب، والزحف يتعاقب. والأقران تتواقع والوقائع تتقارن، والأعوان تتعاضد والاعضاد تتعاون. والعتاق بصهيلها لحب الطراد تحمحم، والرقاق بصهيلها لشوق الجماجم تجمجم.
والمقربات للأجراء صوافن، والضوامر للشد ضوامن. ومنى المناصل صلة القطع، ورجاء الرجال نبع النصر في قرع النبع بالنبع. والتوحيد للتثليث منازل، والإيمان للكفر مقاتل. وى كلام إلا للكلام، ولا سلام إلا بالسلام. فلا يسمع إلا:
أسرج وألجم، وتقدم وأقدم، وأصم وصمم، وأضر وأضرم. ولا تله حتى تلهب، ولا تعج حتى تعجب. واقطع وصل، واكتل بصاع المصاع وكل، ولا تقلق والق وقلقل. ولكل داع إجابة، ولكل ساع إصابة. ولكل في المرمى فوق، ولكل شهم في المرام سوق. ولكل صعدة في الطعان صدعة، ولكل قعدة للرماء قدعة.
ولكل عقدة بالضرب حل، ولكل عقدة في الحرب فل. ولكل عضب عض، ولكل ذي حظ حض. ومن له نصيب في الشجاعة نصب في التشجيع، ومن له جرأة الهيجاء هاج إلى الصريخ بالجسد السريع. والأيام منا على هذه الحالة مندرجة، ومياه الحديد بامواه الوريد ممتزجة، والفرج منتظر والنواظر متفرجة، وتباشير صباح الصفاح في دياجير القتام متبلجة. ولله نعمة في كل بلية، وسر في كل قضية.

اسم الکتاب : الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس المؤلف : عماد الدين الكاتب    الجزء : 1  صفحة : 230
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست