responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القائد المجاهد نور الدين محمود زنكي شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 69
المؤسسات السنية الهادفة، وظهر هذا الوعي واضحاً من جانب نور الدين عندما تحدث مجد الدين ابن الداية بلسانه إلى الفقهاء في حلب قائلاً: نحن ما أردنا ببناء المدارس إلا نشر العلم، ودحض البدع من هذه البلدة وإظهار الدين [1] كما كان نورالدين - رحمه الله - يدرك قيمة العلم سلاحاً يواجه به العدو كما يواجهه بالقوة العسكرية، ولا شك أن نور الدين في هذه النظرة كان يعيش في عصره بعقلية العصر الذي يعيشه الآن [2]، فالتصدي للغزو الباطني الحديث يحتاج لقوة عسكرية واقتصادية وسياسية، وفكرية وأعلامية تتوازن وتتعاون وتتكامل مع بعضها من أجل الإحياء السني في الأمة والوقوف أمام العقائد الباطنية الزاحقة.
وقد أثمرت جهود نور الدين في حلب وتسابق أمراءه وأعيان دولته وخلفاؤه من بعده إلى إنشاء المؤسسات العلمية حتى غدت حلب بعد فترة يسيرة نسبياً مركزاً من مراكز الثقافة السنية بعد أن كانت وكراً من أوكار الشيعة وقد أحصى المؤرخ عز الدين شداد ت 684هـ/1285م مدارس حلب في أيامه فوجدها أربعاً وخمسين مدرسة موزعة بين المذاهب الفقهية الأربعة منها: إحدى وعشرون للشافعية، واثنتان وعشرون للحنفية، وثلاث للمالكية والحنابلة، وثماني دور للحديث الشريف بالإضافة إلى إحدى وثلاثين خانقاه للصوفية [3] وقد أتت هذه المؤسسات العلمية ثمارها المرجوة إذا انقرض المذهب الإسماعيلي الباطني في حلب في حدود عام 600هـ/1203م وأخفى الشيعة الإمامية معتقداتهم حتى انتهى بهم الأمر إلى أن أخذو يتنكرون وبأفعال السنة يتظاهرون ويذكر أحد المؤرخين المعاصرين من أبناء حلب: أن الشيعة انقرضوا من المدينة وتلاشوا بالمرة، ولم يبق منهم غير عدة بيوت يقذفهم بعض الناس بالرفض والتشيع، مع أن ظاهرهم على كمال الاستقامة وموافقة السنة [4] وذلك بفضل الله ثم جهود المصلح الكبير نور الدين وخلفائه الذين اقتدوا به في الإكثار من المدارس السنية وتعيين الأساتذة الأكفاء لها، والإنفاق عليها بسخاء حتى تراجع التشيع من هذه المدينة وأصبحت السيادة فيها لمذهب أهل السنة [5] وهذا يدل على أهمية التربية الفكرية والثقافية في التمكين للإسلام الصحيح في نفوس الناس.

2 - جهود نور الدين في الإحياء السني في دمشق: استولى نور الدين على دمشق في صفر من عام 549هـ/1154م ومن ثم واصل جهوده لتنفيذ خطته في دعم العقيدة السنية وكان منهجه

[1] كتاب الروضتين نقلاً عن التاريخ السياسي والفكري ص 213.
[2] التاريخ السياسي والفكري للمذهب السني ص 213.
[3] المصدر نفسه ص 214.
[4] نهر الذهب في تاريخ حلب (1/ 191 - 193) التاريخ السياسي والفكري للمذهب السني ص 214.
[5] التاريخ السياسي والفكري للمذهب السني ص 214.
اسم الکتاب : القائد المجاهد نور الدين محمود زنكي شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 69
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست