اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 90
الإدارة المغولية على أفكار وثقافات الآخرين التي استفادها من الخبراء والمستشارين من الشعوب والأمم الأخرى، كالحضارة الصينية والاويغوريين [1] وغيرها.
6 ـ حكيم من الصين: وقع على يلوي شو تسي أن يلعب دوراً هاماً وصعباً أثناء قيام الإمبراطورية المغولية، فقد حظي بإعجاب جنكيز خان منذ أن وقعت عينه عليه وكان أول فيلسوف صيني يلتحق بالجيش المغولي ولم يجعل المغول الأمور ممهدة أمام هذا الطالب للفلسفة والطب والفلك وحدث مرة أن سخر ضابط معروف بمهاراته في صنع الأقواس بالصيني العالي القامة والطويل اللحية، يقول له: ما هي الفائدة من وجود رجل كتب مع محاربين؟ فرد الصيني: إن صنع أقواس جيدة يحتاج إلى نجار، وأما عند ما يستدعي الأمر إدارة إمبراطورية، فالحاجة تدعو إلى صاحب حكمة، وصار حظيا لدى جنكيز خان وأثناء حروبه الكثيرة والطويلة، بينما كان المغول يجمعون الأسلاب والغنائم، كان هذا الحكيم يجمع الكتب والجداول الفلكية والأعشاب الطبية، وقد سجل جغرافية الحملات والمعارك والمواقع، وعند ما اجتاحت الجيش موجة من الوباء، فقد تأمنت له الفرصة عندئذ للأخذ بثأره من الضباط الذين كانوا يهزأون به وبكتبه لقد سقاهم من ماء أعشابه وجعل الله لهم فيه شفاء.
كان جنكيز خان يقدره لعلمه ونزاهته، ولم يترك الحكيم الصيني فرصة تمر إلا حاول فيها إيقاف القتل الذي كان يفرش طريق الجيش المغولي، وتقول أسطورة إن جنكيز خان شاهد مرة في مضائق جبال هملايا السفلى، حيواناً، عجيباً بشكل أيل، لكن أخضر اللون وبقرن واحد لا غير، فاستدعى هذا الصيني ليسأله عن ذلك الحيوان، فأجاب هذا بصوت خفيف وقور: هذا هو كيو ـ توان. إنه مخلوق يعرف جميع اللغات الأرضية، ويحب الأحياء من بني الإنسان، ويشمئز كثيراً من أعمال التقتيل. إن ظهوره هو بلا شك تحذير لك أيها السيد الخان، ودعوة إلى الكف عن اتباع هذا السبيل [2]، وتعتبر كتابات الحكيم الصيني ـ ليو تشو تسي من أدق المصادر وأوثقها، ويرجع إليه الفضل فيما كان للمدينة الصينية من تأثير على جنكيز خان وفي حد المذابح التي كان يجريها المغول في السكان بعد الاستيلاء على بلادهم وفي انقاد الكتب من النهب والحريق الذي تعرضت [1] المغول للعريني صـ 152. [2] جنكيز خان صـ319.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 90