اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 365
لم يضيع قطز وقتاً بل ارسل مقدمة جيشه بقيادة بيبرس تتبع الفارين من التتار وتطهر مدن الشام الأخرى من الحاميات التتارية [1]، وطارد المغول في أعالي بلاد الشام حتى لحق بهم في حمص، وفر المغول بحياتهم وألقوا ما كان معهم من متاع وغيره، وأطلقوا الاسرى وعرّجوا نحو طريق الساحل، فتخطف المسلمون منهم وقتلوا خلقاً كثيراً وأسروا أكثر، فلما بلغ هولاكو كسرة عسكره وقتل نائبه كتبغا عظم عليه، فإنه لم يكسر له عسكر قبل ذلك ورحل من يومه [2].
واستطاع المسلمون تطهير بلاد الشام بكاملها في بضعة أسابيع وأعلن قطز توحيد مصر والشام من جديد في دولة واحدة تحت زعامته، بعد عشر سنوات من الفرقة وذلك منذ وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب ـ رحمه الله ـ في سنة 648هـ وخُطب لقطز على المنابر في كل المدن المصرية والفلسطينية والشامية حتى خطب له في أعالي بلاد الشام والمدن حول نهر الفرات وعاش المسلمون أياماً من أسعد أيامهم [3].
9 ـ ترتيب أمور الولايات الشامية: شرع السلطان سيف الدين قطز على ترتيب أحوال الشام بسرعة حتى يتمكن من العودة إلى مصر، فأقطع الأمراء الصالحية والمعزية وأصحابه إقطاعات الشام وجعل نائبه على دمشق الأمير علم الدين سنجر الحلبي ومعه الأمير أبو الهيجاء بن عيسى بن خشتر الأزكشي الكردي [4]، وأعاد ملوك الأيوبيين أصحاب العروش الصغيرة إلى عروشهم ملوكاً تابعين لسلطان مصر المملوكي وبعث إليه الاشرف موسى، حاكم حمص، والذي كان هولاكو قد عينه نائباً له في حكمها وفي بلاد الشام، يطلب الأمان، فاستجاب قطز وأمّنه على عرشه كذلك بعث بالملك المظفر علاء الدين علي بن بدر الدين لؤلؤ صاحب سنجار ليكون نائباً للسلطان في مدينة حلب ووزع الإقطاعات في المناطق الريفية المحيطة بحلب على الأمراء الموالين له، كذلك قام سيف الدين قطز ببعض التعديلات الإدارية البسيطة في بلاد الشام، فأقر الملك المنصور على حماه وبارين وأعاد له المعرّة التي كانت بيد حكام حلب منذ سنة 635هـ ومن ناحية أخرى، أخذ منه سلمية وأعطاها الأمير شرف الدين عيسى بن مهنا بن مانع أمير العرب وعين الأمير شمس الدين آقوش البرلي [1] قصة التتار صـ 340. [2] السلوك (1 ـ 518). [3] قصة التتار صـ 341. [4] السلوك (1 ـ 518).
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 365