اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 344
ليس له رأي، وعندما شاهد جنده ومماليكه هذه الحال، قرروا تنحيته باغتياله أو القبض عليه، وسلطنة أخيه الملك الظاهر غازي بن العزيز لشهامته [1]، وعلم الناصر بالأمر، فترك المعسكر هارباً بالليل إلى قلعة دمشق، فأسقط بيد مماليكه الناصرية، وأعوانهم، فهربوا ومعهم الظاهر غازي إلى غزة [2]، وكان تسارع الأحداث في الشام أكبر من أن يترك صدى أو ذيولاً لهذه المحاولة الفاشلة، فالتتار لا يهدؤون وقد انضم إليهم ـ علناً ـ الأشرف بن المجاهد، فأعادوا له حمص وأعمالها وكذلك الملك السعيد بن عبد العزيز، حيث أطلقه هولاكو من سجن البيرة، وأعاد له ولايته على بانياس، وقلعتها التي تعرف بالصبيبة [3]، فقرر الملك الناصر الانسحاب جنوباً نحو مصر، وقد تضلَّلت العسكر، وتصرمة، وقلت الحرمة، وطمع كل أحد، ولم يبق عند الناصر إلا قوم قلائل، وسار الملك الناصر عن دمشق على أمل جمع الكلمة مع المظفر قطز للقاء التتار، وأخذ ما بقي معه من الجيش، وترك دمشق خالية من العسكر، وأهلها على الاسوار يشتمونهم ويدعون عليهم ويقولون: تركتمونا طعمة للتتار، لا كتب الله عليكم السلامة [4]، وعبر الزين الحافظي إلى دمشق وأغلق أبوابها وسيّر الناصر طلبه، ليجتمع به، فامتنع عن الخروج إليه وجمع أكابر دمشق، واتفق معهم على تسليم دمشق لنواب هولاكو ([5])،
وسار الناصر ومعه المنصور محمد صاحب حماه، فوصل نابلس، حيث ترك بها حامية، ولما وصل غزة، انضم إليه مماليكه الفارون وتصالح مع أخيه غازي، وعلم الناصر في غزة أن التتار قد احتلوا نابلسن فقصد العريش، وأرسل يخبر قطز ويسأله الاجتماع لمواجهة التتار، ويبدو ان جواباً شافياً مطمئناً لم يصل من قطز إلى الناصر ((فاستراب الناصر باهل مصر)) [6]، وكان قد بلغ قطية ((فخاف الناصر دخول مصر فيُقبض عليه)) [7]، فسمح الناصر لمن يريد من مرافقيه دخول مصر، فحزم المنصور محمد أمره ودخل المنصور والعسكر مصر، فالتقاهم قطز، واحسن للمنصور، وأعطاه سنجقاً ودخلوا القاهرة [8]، وأما الملك الناصر، فقد أعمته [1] السلوك للمقريزي (1 ـ 512)، جهاد المماليك صـ 74. [2] العلاقات الدولية في عصر الحروب الصليبية (2 ـ 74). [3] المصدر نفسه (2 ـ 74). [4] المصدر نفسه (2 ـ 74). [5] اخبار الأيوبيين ابن العميد صـ 51، العلاقات الدولية (2 ـ 74) .. [6] العلاقات الدولية (2 ـ 75) ن نقلاً عن تاريخ ابن خلدون. [7] المختصر (3 ـ 201)، العلاقات الدولية (2 ـ 75). [8] عقدة الجمان للعيني (1 ـ 232)، العلاقات الدولية (2 ـ 75).
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 344