اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 293
وإغوائهم، فكان توجه الأمر إليهم آكد [1].
إن أمر بني أيوب مازال مستقيماً في عهد صلاح الدين حتى أفضي أمرهم إلى إبنائه، فوقع بعضهم في الترف وآثروا الشهوات، وأقبلوا على اللذات والدخول في المعاصي والتعرض لسخط الله، والشواهد عل ذلك كثيرة نذكر منها ما كان في عهد الملك الأفضل وفي عهد الملك الصالح نجم الدين أيوب ما فعله أستاذ الدار وهو كبير أمناء الملك أو الرئيس والذي كان يجمع إلى منصبه إختصاصات الوزير وقاد الجيش في المعارك وفتح دمشق وكان متحللاً وعابثاً ومعتداً بقوته ومنصبه وتجرأ على منكر كبير، يخالف أحكام الدين ويسخر بالشرع ويسئ إلى مشاعر المسلمين، فبني فوق أحد مساجد القاهرة طبلخانة أي قاعدة لسماع الغناء والموسيقى، وقد تصدى لذلك سلطان العلماء العز بن عبد السلام كما بينا ذلك في الكتاب الذي قبل هذا، ومن صور الترف في عهد الدولة الأيوبية التوسع في المآكل والمشارب وما يترتب على ذلك من آفات، وحب التكثر من المال والتوسع في الركوب وفي المسكن والملبس والنكاح لدى بعض أمراء وملوك البيت الأيوبي.
4 ـ تعطيل الخيار الثوري: ضرب الأيوبيون نظام الشورى في الحكم بالحائط ذلك النظام القائم عل حرية الانتخاب وحرية المعارضة والذي كانت القيادة الراشدة نفذته التزاماً بمعطيات القرآن والسنة في هذا المجال ولقد ولدت خطوة الأيوبيين هذه ردود أفعال خطيرة في الدولة الأيوبية، بل أصبح التسلط والغلبة هو الطريق للسلطة والحكم، فهذا الملك العادل بعد أن تغلب على بني أخيه قال لوزرائه ومعاونيه أنه قبيح بي أن أكون أتابكاً مع الشيخوخة والتقدم مع أن الملك ليس هو بالميراث وإنما هو لمن غلب ولقد كان يجب أن أكون بعد أخي السلطان الملك الناصر ـ رحمه الله ـ صاحب الأمر، غير أني تركت ذلك إكراماً لأخي ورعاية لحقه، فلما حصل من الاختلاف ما حصل خفت أن يخرج الملك من يدي، ويد أولاد أخي، فمشيت الأمر إلى آخره [2]، ثم أن الملك العادل ورَّث أبنائه من بعده وحدث قتال بينهم ورجع إلى نظام التوريث الذي كان له سلبيات خطيرة، ساهمت في سقوط الدولة الأيوبية منها: [1] تفسير الألوسي (15/ 42). [2] في التأصيل الإسلامي للتاريخ صـ60.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 293