اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 27
كفلت السلام والأمن في إمبراطورية مترامية الأطراف، فالطرق سابلة مفتوحة، يطمئن المسافر إلى اجتيازها، ما لم يصادف أثناء سيره موكب جنازة لأحد الخانات وعندئذ يكون مصيره الموت المحقق [1]، ومن خصائص المغول أيضاً، ما اشتهروا به من التسامح الديني، على أن ما جرى من تعليل ذلك التسامح، بأنه يرجع إلى ما اشتهر به المغول من عدم الاكتراث بالدين، يعتبر حكماً لا يستند إلى أساس متين والراجح أن هذا التسامح لم يكن المقصود منه سوى الإفادة من الأشخاص الأكفاء مهما اختلفت ديانتهم [2]. ثانياً: التعريف بالمغول: ظهر المغول على مسرح أحداث التاريخ العالمي في أواخر القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي ثم برزوا، كقوة عالمية ذات شهرة دولية واسعة النطاق خارج نطاق موطنهم الأصلي ـ منغوليا في خلال العقدين الأول والثاني من القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي وقد استطاعوا أن يؤسسوا لهم أكبر إمبراطورية عالمية عرفها تاريخ البشرية في اقصر مدة، حيث تكونت إمبراطوريتهم الواسعة الأرجاء، والمترامية الأطراف في خلال الثلاثة عقود الأخرى من الجزر اليابانية والمحيط الهادي شرقاً إلى قلب القارة الأوربية غرباً، ومن سيبريا وبحر البلطيق شمالاً إلى الحدود الشمالية للجزيرة العربية وبلاد الشام وفلسطين جنوباً ولقد عرَّفهم مؤرخونا، العرب منهم على وجه الخصوص والذين عاصروا أحداث ظهور المغول وغزواتهم للعالم الإسلامي بأنهم هم، التتر أو التتار وقد نهج منهجهم من جاء بعدهم من المؤرخين، بل وحتى الأغلبية من مؤرخي المغول في عصرنا الحاضر، على أن هذه التسمية الخاطئة لم تقتصر فقط على المؤرخين المسلمين من العرب، بل وسار على ذلك التعريف الخاطئ المؤرخون والرحالة الأوربيين الأقدمون منهم على وجه التخصيص، إلا أن المؤرخين الأوربيين المستشرقين الكبار، أمثال بريتسكنيدر وبارثولد الروسيين، وسيولر الألماني وبويل الإنجليزي وغيرهم، عرفوا الفرق بين التتار والمغول وذلك من خلال ما كتبه المؤرخ المسلم رشيد الدين الوزير، وخاصة ما كتبه في كتابه المشهور"جامع التواريخ"، ثم ما كتبه المؤرخون الصينيون، والتي ترجمت كتبهم إلى بعض اللغات الأوربية الحديثة، [1] المصدر نفسه صـ26. [2] المصدر نفسه صـ26.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 27