اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 252
وقد زاد من فرح النصارى أنهم كانوا يتعاونون مع التتار في هذه الحملة الأخيرة ودخل ملك أرمينية وملك الكرج وأمير أنطاكية في حزب التتار، وزاد من فرحهم أن التتار صدقوا عهودهم، فإنهم قد وعدوا النصارى ألا يمسوهم بسوء في بغداد، وتم لهم ذلك، بل إن هولاكو أغدق الهدايا الثمينة على ((ماكيكا)) البطريرك النصراني، وأعطاه قصراً عظيماً من قصور الخلافة العباسية على نهر دجلة وجعله من مستشاريه ومن أعضاء مجلس الحكم الجديد ومن أصحاب الرأي المقربين في بغداد [1]، لقد ابتهج المسيحون بسقوط بغداد وزوال الدولة العباسية وكتبوا في نشوة النصر عن سقوط بابل الثانية، وهللوا لهولاكو وزوجته المسيحية دوقوز خاتون، واعتبروهما قسطنطين وهيلينا وأنهما ليس إلا أدوات الله للانتقام من أعداء المسيح [2].
غير أن ارتياح المسيحين وسرورهم لم يستمر طويلاً، إذ لم يمضي زمن طويل حتى قهر المسلمون غزاتهم في معركة عين جالوت عام 658هـ بقيادة سيف الدين قطز يأتي الحديث عنها بإذن الله تعالى.
5 ـ القاهرة عاصمة الخلافة: تأثر المسلمون أشد التأثر لسقوط بغداد، وخلوّ الأرض من وجود خليفة يكون له المقام الروحي المرموق وبعبارة أخرى يمكننا أن نقول إن ما حدث من استصال الأسرة العباسية، وتدمير العاصمة، جعل زعامة المسلمين شاغرة، يتطلع لاحتلالها كل زعيم طموح من المسلمين، فلما تولى السلطان المملوكي الظاهر بيبرس عرش مصر، بحث عن أحد أفراد الأسرة العباسية ونصبه خليفة في مصر سنة 659هـ/1260م وهكذا قامت الخلافة العباسية في مصر وكان لها شبه سلطة روحية في مدينة القاهرة، وبهذا انتقل النشاط السياسي والثقافي إلى مصر التي أصبحت قبلة انظار المسلمين وكان الظاهر يرمي من وراء إحياء الخلافة العباسية في مصر، إلى أن يكسب سلطنته صفة شرعية بفضل التقليد الذي حصل عليه من الخليفة، وأن يمتد ملكه، ويوسع سلطانه بمساعدته باعتباره حامي الدين [3]، وقد استمر هذا الوضع قائماً في مصر إلى أن استولى عليها السلطان العثماني سليم الأول عام 923هـ (1517م)، فألغى منها الخلافة العباسية، وبذلك [1] قصة التتار صـ169. [2] المغول للصياد صـ182، تاريخ الحروب الصليبية (3/ 522). [3] النظم الإسلامية صـ130 حسن إبراهيم حسن.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 252