اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 241
فذاقت وبال أمرها وكانت عاقبة أمرها خسرا * أعد الله لهم عذاباً شديداً فاتقوا الله يا أولو الألباب الذين آمنوا قد أنزل الله إليكم ذكرا" (الطلاق، الآية 8 ـ 10).
16 ـ الوصول إلى آخر نقطة من الإنحلال والتدهور: ذكرت في أسباب سقوط الدولة العباسية ضعف شخصية المستعصم بالله، إلا أن بعض الباحثين حاول الدفاع والثناء على الخليفة المستعصم وبيان تمسكه بالسنة ومناهضته للبدعة وحلمه وتواضعه وإهتمامه بأمور الرعية ومصالح الدولة [1] .. الخ، كما أن شيخنا الجليل والمفكر الإسلامي الكبير أبا الحسن الندوي ذهب إلى هذا الرأي واشار إلى أن الخرق إتسع على الراقع بقوله: كان المستعصم رجلاً صالحاً حسن السيرة والفكر، وكان يحرص على إصلاح الأوضاع ورفاهية البلاد، ولكن فساد النسا واضطرابهم وفساد رجال الحكومة، بلغ مبلغاً لا يؤثر فيه إلا من رزق الإرادة القوية والشخصية العبقرية، ومن يستطع أن يقف سداً منيعاً في وجه الفساد ويتغلب على الأوضاع السيئة ولم ينفع في هذه الحال إلا العظماء الذين افتتحوا عهداً جديداً، وأسسوا حكومات جديدة في التاريخ، لقد تكرر في التاريخ أن آخر أفراد أسرة حاكمة وآخر حاكم في مملكة آخذة في الإنحطاط كان يتصف بالصلاح والتقوى، غير أن تلك الأسرة أو المملكة كانت قد وصلت إلى آخر نقطة من الإنحلال والتدهور، وكان الفساد قد تفاقم والكأس قد طفحت، فلم يكن هنالك من يحول بين هذه الحكومة، وبين نهايتها الأليمة التي يفرضها قانون السماء وتقتضيها طباع الأشياء، وشاءت الأقدار أن يعتبر ذلك الرجل الأخير مسئولاً عن نهاية الحكومة في أسرته الحاكمة بالرغم من أنه كان أكثر صلاحاً وديانة، وأحرص على إصلاح الفساد من سلفه الماضيين وقد كان عدد من الصالحين مشتغلين بالعلم والتدريس والعبادة، كما كان عدد منهم منعزلين في الزوايا والمساجد، ولكن الفساد كان قد استحوذ على طبقة الحكام والمترفين ([2])،
يقول المؤرخ أبو الحسن الخزرجي يصف أهل العراق يومئذ: وأهتموا بالإقطاعات والمكاسب، وأهملوا النظر في المصالح الكلية، وأشتغلوا بما لا يجوز في الأمور الدنيوية وأشتد ظلم العمال، وأشتغلوا بتحصيل الأموال، والملك قد يدوم مع الكفر، ولا يدوم مع الظلم [3].
17 ـ تدهور الأوضاع الإقتصادية: كان لتدهور الأوضاع الإقتصادية أثره البالغ على [1] أمير المؤمنين المستعصم بالله العباسي صـ37 ـ 49. [2] المصدر نفسه (1/ 277) .. [3] المصدر نفسه (1/ 277).
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 241