اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 225
خزائنه وبكى وقال ـ معبراً عن سر الهزيمة ـ: قد علمت بأن لا نفلح لما سرنا تحت الصلبان، قال ابن الأثير واصفاً أحوال المسلمين في هذه الفترة بشكل عام: فمن سلم من المسلمين من هاتين الطائفتين ((التتار والفرنج)) فالسيف بينهما مسلول والفتنة قائمة على ساق [1]، وإذا علم ذلك كله أمكن تصور سرعة إنتشارهم وضعف المقاومة أمامهم، وملء الرعب في قلوب الناس من حولهم، والله غالب على أمره [2].
8 ـ تنازلات سياسية دلت على الوهن العباسي: بعد أن كان كل ملوك الأرض وسلاطينها يخافون أو يحترمون الخلفاء العباسيين ويهابون دولتهم، فيقدمون لهم الجزية والهدايا أو يتهادون على قدم المساواة تعبيراً عن الود وحسن الجوار ودفعاً للمخاطر، صار الخلفاء العباسيون المتأخرون هم الذين يقدمون الهدايا والأموال المقاربة للجزية لهولاكو، ليس تعبيراً عن الود أو حسن الجوار إنما دفعاً لشره، وخوفاً من مداهمته، وقد كان المستنصر بالله يقدم هذه الهدايا والأموال والجواري والغلمان والخيول العربية الأصيلة إلى هولاكو، كما كان الخلفاء العباسيون المتأخرون يقودون إلى أصحاب الولايات والإقطاعات التي انفصلت عن الدولة واستقل بها أصحابها ويتجنبون إغضابهم مع حزم وحنكة الخليفة المستنصر بالله، إلا أنه مع ذلك يصانع التتار ويهاديهم، فلما ولي المستعصم بالله أشير إليه بقطع أكثر الجند، وأن مصانعة التتار وحمل المال إليهم يحصل به المقصود، ففعل ذلك [3]، وكانت مصانعة التتار بطريقة تدل على الخور والضعف وعلى سوء إدارة الوزير العلقمي وخبثه وعماية القضاء وأمراء الجند وعدم فطنتهم، وحدث تواطؤ على إسقاط الدولة بعد إيقاع الخليفة في مأزق الخوف، والخلافة أصبحت هدفاً للمغول الذين أيقنوا بضعف روح الممانعة والمدافعة والمغالبة أمام التنازلات السياسية الغير محكمة والخالية من الدراسة والنظر الاستراتيجي والتخطيط السليم، فكان ذلك من أسباب السقوط العباسي. 9 ـ تعدد مراكز القوى: لم يكن زمام الأمور في بغداد مركزاً في يدٍ واحدة، بل كانت هناك سلطات مختلفة متعارضة كل منها يجور على السلطة الأخرى، ويتدخل في عملها، ولم تكن هناك رابطة تجمع الحكام ومن بينهم تصريف شئون الدولة، بل كانوا متنازعين متباغضين، كل منهم ينقم على الآخر ويدبر ضده المؤامرات، ويسفه رايه عند الخليفة، وفوق [1] الكامل في التاريخ (12 ـ 361)، كيف دخل التتار صـ43. [2] كيف دخل التتار صـ43. [3] بغداد مدينة السلام وغزو المغول صـ141.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 225