responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 213
أمام غزو المغول، وتصدعت خطوط الدفاع المقدمة، ولم تستطع أن تقف وقفة عز وشموخ واستعلاء وإذا تشجعت في معركة من المعارك ضعفت قلوبها أمام الأعداء من أثر المعاصي، وأصبحت في ضنك من العيش "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا" (طه، آية: 124). لقد أصيبت الأمة بحكامها وشعوبها إلا ما رحم الله في الجانب الشرقي منها في بلاد ما وراء النهر، وإيران والعراق بالتبلد وفقد الإحساس بالذات ومات ضميرها الروحي، فلا أمر بالمعروف تأمر به ولا نهي عن المنكر تنهي عنه، وأصابهم ما أصاب بني إسرائيل عندما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: "لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون" (المائدة، آية: 78 ـ 79).
فإن الأمة عندما لا تعظم شرع الله أمراً ونهياً فإنها تسقط كما سقط بنو إسرائيل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلا والله لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذون على يد الظالم، ولتأطرنه على الحق أطراً ولتقصرنه على الحق قصراً، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم بعضاً، ثم ليلعنكم كما لعنهم ([1]) ".
إن حكام المسلمين في بلاد ما وراء النهر وإيران والعراق تحققت فيهم سنة الله الماضية بسبب تغير النفوس من الطاعة والانقياد إلى المخالفة والتمرد على أحكام الله، قال تعالى: "ذلك بأن الله لم يكن مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (الأنفال، آية: 53)، كما أن المجتمعات التي ترضخ تحت الحكام الذين تباعدوا عن شرع الله تذل وتهان حتى تقوم أمام من خالف أمر الله، وتطلب العون من إخوانهم في العقيدة، لإرجاع حكم الله في مجتمعاتهم، لقد كانت ممالك المسلمين في تلك الديار مليئة بالاعتداءات على الأنفس والأموال والأعراض، وتعطلت أحكام الله بينهم، ونشبت حروب وفتن وبلايا، تولدت على أثرها عداوة وبغضاء بسبب الابتعاد عن كتاب الله وسنة رسوله سهلت مهمة المغول في بخارى وسمرقند، وأفغانستان وإيران، والعراق فأصبحت شوكتهم تقوى، وحصلوا على مكاسب كبيرة، وغاب نصر الله عن ملوك تلك البلدان وحرموا من التمكين وأصبحوا في خوف وفزع من أعداهم، وبعض المدن تبتلي بالجوع بسبب حصار المغول لهم، وكم قتل المغول من

[1] سنن أبي داود، ك الملاحم رقم الحديث 4670.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست