اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 134
يأتي جيش تولوي وتفرغ للاستيلاء على بعض الحصون المجاورة [1]، وبعد مقتل أهالي مدينة مرو تحرك تولوي إلى مدينة نيسابور على مسيرة اثني عشر يوماً من مدينة مرو.
وأراد تولوي أن يثأر لموت ((توجاشر)) الذي قتل أمام أسوار هذه المدينة عندما حاول الاستيلاء عليها قبل وصول تولوي بجيوشه، وأما الأهالي فقد أساءوا إلى فصائل المغول التي كانت تظهر تباعاً بالقرب من المدينة، ثم أخذوا أهبتهم للاستعداد عندما علموا أن المغول سيهاجمون المدينة، ولما رأى الأهالي المحاصرون وقواد الجيوش الخوارزمية الجيوش المغولية وقد أحاطت بالمدينة من كل جانب، فقدوا رباطة جأشهم وأرسل الأهالي نواباً عنهم من الأئمة وكبار رجال المدينة، وعلى رأسهم قاضي القضاة في خراسان إلى المعسكر المغولي وعرضوا على تولوي التسليم وتعهدوا بأن يؤدوا للمغول ضريبة سنوية، ولكن تولوي الذي كان صدره يغلي ونفسه تتحرق شوقاً للانتقام لمقتل زوج شقيقته توجاشر، رفض كل العروض التي عرضها عليه أهالي هذه المدينة [2]، وفي اليوم التالي تفقد تولوي جنده الذين كانوا يرابطون حول المدينة وأخذ يشجعهم، حتى إذا ما حل اليوم الثاني عشر من شهر صفر سنة 618هـ/7 أبريل سنة 1221م أمر بمهاجمة المدينة من كل مكان واستمر القتال طول النهار والليل، ثم استطاع المغول أن يخترقوا الحصون ويحدثوا في حوائطها ثغرات عديدة مكنتهم من دخول المدينة من جميع جهاتها وأصبحت شوارعها ومنازلها مسرحاً للحروب، وأخيراً تمكن المغول من احتلال المدينة، وأخذوا يثأرون بمقتل توجاشر، وقد دخلت زوجة ذلك القائد وهي ابنة جنكيز خان المدينة يصحبها عشرة آلاف رجل وقتلوا كل من صادفهم من رجال ونساء وأطفال، ولم يتركوا حتى القطط والكلاب ([3])،
ومما يدل على أن المغول كانوا يتحرقون شوقاً للتنكيل بسكان نيسابور أن تولوي رأى بعض السكان يلتمسون النجاة بالرقاد بين جثث القتلى، فلكي لا يترك فرصة لأحد منهم للنجاة، أمر بقطع جميع رؤوس القتلى ووضع هذه الرؤوس في جانب والأجساد في جانب آخر [4]. وقد استمر تخريب المدينة خمسة عشر يوماً زالت فيها معالمها، ولم يبق المغول إلا على أربعمائة رجل من أصحاب الحرف والمهن للانتفاع بهم، ولكي يطمئن تولوي إلى القضاء على جميع سكان المدينة ترك بعد رحيله [1] المصدر نفسه صـ174. [2] الدولة الخوارزمية والمغول صـ176. [3] المصدر نفسه صـ177 .. [4] الكامل في التاريخ (12/ 181) الدولة الخوارزمية والمغول صـ177.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 134