اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 114
الجنوب ميممة شطر مدينة خجندة الواقعة على نهر سيحون، وهي مدينة جميلة اشتهرت بحدائقها وانتعاش التجارة فيها، كما اشتهرت بشجاعة أهلها وقوة بأسهم، ومما يسترعي النظر أن ((تيمور ملك)) قائد الحامية الخوارزمية فيها، فضل أن يغادر المدينة مع ألف من جنوده إلى جزيرة صغيرة في وسط النهر، بعيد عن شاطئيه، حتى يكون في مأمن من غارات المغول، وعلى بعد كافٍ من مرمى سهامهم، وقد سار ما يزيد على عشرين ألف جندي مغولي، من أولئك الذين انتصروا انتصاراً مبيناً على الخوارزميين في مدينة أترار وغيرها من المدن، يتبعهم خمسين ألفاً من خيرة شباب الخوارزميين، لمساعدة هذه الفرقة المغولية التي كانت تحاصر ((تيمور ملك))، وقد كلفت هذه الجموع بإحضار الأحجار من الجبال المجاورة وإلقائها في النهر، ليكونوا بذلك طريقاً يستطيع المغول أن يعبروا منها إلى هذا الخوارزمي الذي كان معتصماً في جزيرته على أن ((تيمور ملك)) صمم على إفساد خطتهم، فصنع اثني عشرة سفينة كبيرة غطى جدرانها بالجلود، وكان يرسل في كل يوم ستاً من هذه السفن للإغارة على المغول الذين كانوا يعملون في هذا الطريق الموصل إلى الجزيرة فيرمونهم بسهامهم، ولكن ((تيمور ملك)) وجد في النهاية أن مقاومته لن تجدي نفعاً فصمم على الهرب، وبعد أن شحن جنوده وأمتعته في سبعين مركباً، سار في النهر
متجهاً نحو الشمال على أن المغول كانوا يراقبونه من جانبي النهر، وقد علم وهو يسير في النهر أن جوجي بن جنكيز خان قد حشد قوة كبيرة من المغول على مقربة من جند على جانبي نهر سيحون، وأنه سد هذا النهر بقنطرة من السفن، واضطر ((تيمور ملك)) أن يترك النهر إلى الساحل حيث امتطى جواده وقاتل أعداءه قتال اليائس، ومع ذلك استطاع أن يخدع مطارديه وأن يصل في النهاية إلى مدينة خوارزم حيث كان يرابط جلال الدين منكبرتي بن علاء الدين خوارزمشاه [1].
ث ـ استيلاء المغول على بخارى: كانت مدينة بخارى من بين مدن بلاد ما وراء النهر التي طمع المغول في الاستحواذ عليها، فنزل جنكيز خان بظاهرها في أواخر عام 616هـ/1219م وبدأ لفوره يضرب حصاراً محكماً عليها، وكانت القوة الإسلامية التي وكل إليها أمر الدفاع عنها تتكون من عشرين ألفاً [2]. واستمر الهجوم على بخارى ثلاثة أيام، وهي الآن ((في دولة أوزبكستان حالياً))، وهي بلدة الإمام الجليل والمحدث العظيم محمد إسماعيل [1] الدولة الخوارزمية والمغول صـ144. [2] سيرة السلطان جلال الدين صـ100، عودة الروح صـ198.
اسم الکتاب : المغول (التتار) بين الانتشار والانكسار المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 114