اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني الجزء : 1 صفحة : 49
القشتالية. وقد نجح هذا الزواج كما سبق أن ذكرنا. ودام حكم خوان الثاني حتى سنة 884 هـ (1479 م) فأصبح شيخًا هرمًا كف بصره وضعفت قواه، فتنازل على العرش لولده فراندو.
وهكذا تزوجت إيسابيلا التي أصبحت فيما بعد ملكة قشتالة بفراندو الذي أصبح ملك أراغون بشروط سرية يتعهد فيها فراندو بأن يحترم قوانين قشتالة وتقاليدها وأن يجعل مقر إقامته بها وألا يغادرها دون إذن إيسابيلا، وأن لا يجري أي تعيينات أو قرارات دون إذنها. وتعهد بمتابعة الحرب ضد مملكة غرناطة الإسلامية.
وعندما أعلنت إيسابيلا ملكة لقشتالة وليون عقب وفاة أخيها سنة 1474 م قام الفريق المناهض لها بمحاربتها، وكان على رأسهم مطران طليطلة، فغزا ملك البرتغال الأراضي القشتالية بقواته لكنه اضطر إلى الرجوع سنة 1476 م. وهكذا استقر فراندو وإيسابيلا معًا على عرش قشتالة بدون منازع. وعندما اعتلى فراندو سنة 1479 عرش أراغون اتحدت المملكتان النصرانيتان في ظل عرش واحد وتكونت بذلك الدولة الإسبانية التي اجتمعت كلمتها بعد شتات طويل. وكان الهدف الأساسي لفراندو وزوجه إيسابيلا هو القضاء على مملكة غرناطة والوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الإيبرية كما سنرى. وفي هذا الوقت الذي اتحدت فيه إسبانيا النصرانية دخلت غرناطة الإسلامية في حقبة من الصراعات الداخلية والتشتت والتمزق استفاد منها الإسبان أكبر استفادة لتحقيق مآربهم. كما كان المغرب الدولة الحليفة تاريخيًّا للأندلس في فترة ضعف وتشتت داخلي منعها من أية مساندة للأندلس الإسلامية حين حل بها البلاء.
أما فراندو الخامس الكاثوليكي فكان ذا عزم ومكيدة وصاحب مقدرة فائقة في الإدارة والسياسة والحرب. لكنه في نفس الوقت كان غدارًا لا يفي بوعد ولا يوثق لكلمة أعطاها، وكان عديم الأخلاق في معاملاته مع خصومه. أما زوجه إيسابيلا فكانت ذات نزعة دينية متعصبة، تشتعل بغضًا للمسلمين. وكانت ألعوبة في يد المطارنة المتعصبين الذين استعملوها للوصول إلى غايتهم وهي القضاء على الإسلام بكل الوسائل الهمجية واللاإنسانية والإجرامية.
ولنرَ الآن الأيام الأخيرة لمملكة غرناطة والدور الماكر الذي قام به الملكان الكاثوليكيان للإجهاز عليها.
اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني الجزء : 1 صفحة : 49