responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني    الجزء : 1  صفحة : 119
المجاهدين بين برشول وترفلش، فأوعز الإسبان إلى الشنيش بقتل ابن عبو مقابل عفوهم عليه. وكان الشنيش يحقد على ابن عبو لأنه منعه من عبور البحر إلى المغرب. وكان الإسبان قد قبضوا عليه وأطلقوا سراحه ومنحوه الأمان ووعدوا بتسليمه زوجته وابنتيه الأسيرات مقابل الإتيان بابن عبو حيًّا أو ميتًا.
وفي 13/ 3 / 1571 م نجحت المؤامرة إذ هجم الشنيش وستة من أتباعه على ابن عبو في الكهف الذي كان مختبئًا فيه، فقاوم حتى استشهد. فسلم الخونة جثمانه للإسبان الذين حملوه إلى غرناطة، وأدخلوه المدينة في حفل ضخم، ووضعوه في قفص حديدي بعد أن ألبسوه لباسًا كاملاً وكأن صاحبه حي، ثم حملوه على فرس، وقطعوا به المدينة تتبعه أفواج من أسرى الأندلسيين. ثم حمل الجثمان إلى النطع.
وأجرى فيه حكم الإعدام، فقطعوا الرأس وسحلوا الجسم في الشوارع فمزق أطرافًا ثم أحرق في أكبر ساحات غرناطة بهمجية لا تضاهى. ووضعوا الرأس في قفص من حديد رفع فوق باب المدينة باتجاه البشرات حيث بقي معلقًا لمدة ثلاثين سنة.
ولم تنته الثورة تمامًا إلا سنة 1573 م باستسلام مناطق غليرة وصيرون وبرشانة ومناطق وادي المنصورة في ولاية المرية.
وابتدأت بعد انهيار ثورة غرناطة الكبرى مأساة جديدة لم ير الشعب الأندلسي مثيلاً لها من قبل، إذ أعلن الملك فليبي الثاني في 28/ 10 / 1570 م، قبل استشهاد ابن عبو، قرارًا بنفي الأندلسيين من مملكة غرناطة إلى مختلف مناطق قشتالة وليون.
وقبل إنهاء هذا الفصل، لنر خصائص هذه الثورة الفريدة في الاستماتة والتنظيم والشجاعة ضد أقوى جيش في أوروبا آنذاك، بأقل الإمكانيات وأقل مساندة خارجية.
استعمل المجاهدون الأندلسيون تضاريس الجبال ومعرفتهم بالبلاد أحسن استعمال، فكانوا يضربون العدو ضربات سريعة ينتقلون بعدها بسرعة من جبل إلى آخر، ويتحاشون المعارك الطويلة، فكانوا مبدعين حتى في محنتهم، إذ اخترعوا حرب العصابات وأتقنوها. فخارت في أول الأمر معنويات الجيش الإسباني الذي كان يخوض حربًا كلاسيكية، خاصة بعد أن عمل المجاهدون على تجويعه بحرق المحاصيل الزراعية. ثم تحول الجنود الإسبان إلى مجرمين بقتل أو استعباد جميع من يقع في يدهم من أسر المجاهدين، من أطفال وشيوخ ونساء للقضاء على معنوياتهم.
ومن ناحية أخرى، لم يستطع زعماء الجهاد التغلب على نزاعاتهم الجانبية بين أهل حاضرة غرناطة مثلاً وأهل البشرات. وربما كانت تلك النزاعات هي سبب تقاعس

اسم الکتاب : انبعاث الإسلام في الأندلس المؤلف : علي المنتصر الكتاني    الجزء : 1  صفحة : 119
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست