اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 415
حسان بن ثابت، وتتابع على ذلك ما شاء الله [1]. وعندما جاءه الخبر عن مقتل عثمان - رضي الله عنه - وبأن الناس بايعوا علي بن أبي طالب قال عمرو: أنا أبو عبد الله تكون حرب من حك فيه قرحة نكأها، رحم الله عثمان ورضي الله عنه وغفر له، فقال سلامة بن زنباغ الجذامي: يا معشر العرب، إنه قد كان بينكم وبين العرب باب فاتخذوا بابا إذا كسر الباب، فقال عمرو: وذاك الذي نريد ولا يصلح الباب إلا أشاف [2] تخرج الحق من حافرة البأس ويكون الناس في العدل سواء، ثم تمثل عمرو بن العاص بهذه الأبيات:
فيا لهف نفسي على مالك ... وهل يصرف مالك حفظ القدر؟
أنزع من الحرِّ [3] أودى بهم ... فأعذرهم أم بقومي سكر
ثم ارتحل راجلا يبكي ويقول: يا عثماناه، أنعي الحياء والدين حتى قدم دمشق [4].
هذه هي الصورة الصادقة عن عمرو - رضي الله عنه - والمتتالية مع شخصيته، وخط حياته وقربه من عثمان، أما الصورة التي تمسخه إلى رجل مصالح وصاحب مطامع وراغب دنيا، فهي الرواية المتروكة الضعيفة، رواية الواقدي عن موسى بن يعقوب [5]. وقد تأثر بالروايات الضعيفة والسقيمة مجموعة من الكتاب والمؤرخين فأهووا بعمرو إلى الحضيض، كالذي كتبه محمود شيت خطاب [6]، وعبد الخالق سيد أبو رابية [7]، وعباس محمود العقاد الذي يتعالى عن النظر في الإسناد ويستخف بقارئه، ويظهر له صورة معاوية وعمرو -رضي الله عنهما- بأنهما: انتهازيان صاحبا مصالح، ولو أجمع الناقدون التاريخيون على بطلان الروايات التي استند إليها في تحليله، فهذا لا يعني للعقاد شيئا، فقد قال بعد أن ذكر روايات ضعيفة واهية لا تقوم بها حجة: « ... وليقل [1] تاريخ الطبري، نقلا عن عمرو بن العاص، للغضبان، ص464. [2] أشاف: جمع أشفى وهو المثقب. [3] الحر: جمع حرة وهي الظلمة الشديدة. [4] تاريخ الطبري، نقلا عن عمرو بن العاص, للغضبان، ص481. [5] عمرو بن العاص، للغضبان، ص481. [6] سفراء النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، محمود شيت خطاب، ص508. [7] عمرو بن العاص، عبد الخالق سيد أبو رابية، ص316.
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 415