اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 414
[3] - براءة عمار من دم عثمان رضي الله عنهما:
وما يروى في ذلك اتهام مسروق وأبي موسى - رضي الله عنه - لعمار بذلك عند قدومه مع الحسن لاستنفار أهل الكوفة، وهذه الرواية قد وهي إسنادها بشعيب المجهول، وسيف المعلول، كما أن الرواية التي في صحيح البخاري لا تذكر شيئا من ذلك، فزيادتها لا تحتمل القبول، لا سيما مع طعنها في صحابي مثل عمار بن ياسر المجار - على لسان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - - من الشيطان [1]، والملئ إلى المُشاش من الإيمان [2].
وقد بيَّن العلماء بطلان مثل هذا الاتهام الذي لم يختص بعمار فحسب، بل تعداه إلى مجموعة أخرى من أجِلَّة الصحابة، يقول ابن كثير: أما ما يذكره بعض الناس من أن بعض الصحابة أسْلَمَه ورضي بقتله، فهذا لا يصح عن أحد من الصحابة، بل كلهم كرهه ومقته وسب من فعله [3]. ويقول القاضي أبو بكر بن العربي: فهذا أشبه ما روي في الباب، وبه يتبين -وأصل المسألة سلوك سبيل أهل الحق- أن أحدا من الصحابة لم يسعَ عليه، ولا قعد عنه، ولو استنصر ما غلب ألف أو أربعة آلاف غرباء عشرين ألفا بلديين أو أكثر من ذلك، ولكنه ألقى بيده إلى المصيبة [4]. ويقول: وقد انتدبت المردة والجهلة إلى أن يقولوا: إن كان فاضل من الصحابة كان عليه مشاغبا مؤلبا، وبما جرى عليه راضيا واخترعوا كتابا فيه فصاحة, وأمثال كتب عثمان به مستصرخا إلى علي, وذلك كل مصنوع، ليوغروا قلوب المسلمين على السلف الماضيين والخلفاء الراشدين، فالذي يُنْخل من ذلك أن عثمان مظلوم محجوج بغير حجة، وأن الصحابة براء من دمه بأجمعهم، لأنهم أتوا إرادته، وسلموا له رأيه في إسلام نفسه [5].
ثالثًا: براءة عمرو من دم عثمان:
لما أحيط بعثمان - رضي الله عنه - خرج عمرو بن العاص من المدينة متوجها إلى الشام وقال: والله يا أهل المدينة ما يقيم بها أحد فيدركه قتل هذا الرجل إلا ضربه الله عز وجل بذل، ومن لم يستطع نصره فليهرب، فسار وسار معه ابناه عبد الله ومحمد، وخرج بعده [1] البخاري، رقم (3743). [2] عمار بن ياسر، ص147. [3] البداية والنهاية (7/ 207). [4] العواصم من القواصم، ص129. [5] المصدر نفسه، ص132.
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 414