اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 326
مثلك [1].
وكان أمير المؤمنين عثمان بن عفان مدركا لما يدور في وسط المجتمع؛ حيث قال في رسالته إلى الأمراء: أما بعد، فإن الرعية قد طعنت في الانتشار، ونزعت إلى الشَّره، وأعداها على ذلك ثلاث: دنيا مؤثرة، وأهواء مُسْرعة، وضغائن محمولة، يوشك أن تنفر فتغير [2].
ثالثًا: مجيء عثمان بعد عمر رضي الله عنهما:
كان مجيء عثمان - رضي الله عنه - مباشرة بعد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - واختلاف الطبع بينهما مؤديا إلى تغير أسلوبهما في معاملة الرعية، فبينما كان عمر قوي الشكيمة، شديد المحاسبة لنفسه, ولمن تحت يديه، كان عثمان ألين طبعا وأرق في المعاملة، ولم يكن يأخذ نفسه أو يأخذ الناس بما يأخذهم به عمر حتى يقول عثمان نفسه: يرحم الله عمر، ومن يطيق ما كان عمر يطيق [3]. لكن الناس وإن رغبوا في الشوط الأول من خلافته لأنه لان معهم وكان عمر شديدا عليهم، حتى أصبحت محبته مضرب المثل، فقد أنكروا عليه بعد ذلك، ويرجع هذا إلى نشأة عثمان في لطفه ولين عريكته ورقة طبعه ودماثة خلقه، مما كان له بعض الأثر في مظاهر الفرق عند الأحداث بين عهده وعهد سلفه عمر بن الخطاب، وقد أدرك عثمان ذلك حين قال لأقوام سجنهم: أتدرون ما جرأكم عليَّ؟ ما جرأكم علي إلا حلمي [4]. وحين بدت نوايا الخارجين وقد ألزمهم عثمان الحجة في رده على المآخذ التي أخذوها عليه أمام الملأ من الصحابة والناس، أبى المسلمون إلا قتلهم، وأبى عثمان إلا تركهم لحلمه ووداعته قائلا: بل نعفو ونقبل، ولنبصرهم بجهدها، ولا نحادّ أحدا حتى يركب حدا أو يبدي كفرا [5].
رابعًا: خروج كبار الصحابة من المدينة:
كان عمر - رضي الله عنه - قد حجر على أعلام قريش من المهاجرين الخروج في البلدان [1] مقدمة ابن خلدون، ص189. [2] التمهيد والبيان، ص64. [3] تاريخ الطبري (5/ 418). [4] المصدر نفسه (5/ 250). [5] تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (1/ 364).
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 326