responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 325
من بعدهم، فإنه كلما تأخر العصر عن النبوة كثر التفرق والخلاف [1].
كان الجيل الجديد لا يرضى بالواقع الذي كان يتسم به جيل الذين سبقوه، فقد اعتاد على غير ما اعتادوا عليه، فتكونت عقلية جديدة ومفهوم جديد للحياة، وهو مفهوم قد ابتعد عن العقلية التي كانت سائدة في عصر الراشدين الأولين، فأصبح لا يفهم تلك العقلية ولا يستطيع تشربها، ولا يسعه أن يذعن لحكمها [2]، ولذلك انضم المنحرفون من الجيل الجديد لدعاة الفتنة.
4 - استعداد المجتمع لقبول الشائعات:
وهكذا ندرك من خلال هذا الخليط غير المتجانس في نسيج المجتمع أنه صار مهيأ للهزات، مستعدا للاضطراب، قابلا لتلقي الإذاعات والأقاويل والشائعات [3]، وهذا ما يعبر عنه بوضوح ابن تيمية قائلا: ولهذا لما كان الناس في زمن أبي بكر وعمر اللذين أُمِر المسلمون بالاقتداء بهما كما قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر .. »، أقرب عهدا بالرسالة وأعظم إيمانا وصلاحا، وأئمتهم أقوم بالواجب، وأثبت في الطمأنينة لم تقع فتنة؛ إذ كانوا في حكم القسط (أي النفوس المطمئنة)، ولما كان في آخر خلافة عثمان وخلافة عليٍّ كثر القسم الثالث (أهل النفس اللوامة التي تخلط عملا صالحا وآخر سيئا)، فصار فيهم شهوة وشبهة مع الإيمان والدين، وصار ذلك في بعض الولاة وبعض الرعايا، ثم كثر هذا القسم (الذي خلط عملا صالحا وآخر سيئا) بعد، فنشأت الفتنة التي سببها ما تقدم من عدم تمحيص التقوى والطاعة في الطرفين، واختلاطهما بنوع من الهوى والمعصية في الطرفين، وكل منهم متأول وأنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأنه مع الحق والعدل، ومع هذا التأويل نوع من الهوى، ففيه نوع من الظن، وما تهوى الأنفس، وإن كانت إحدى الطائفتين أولى بالحق من الأخرى [4]. ويوضح هذا الواقع بدقة أكثر ذلك الحوار الذي دار بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأحد أتباعه، قال الرجل: ما بال المسلمين اختلفوا عليك ولم يختلفوا على أبي بكر وعمر؟ قال علي: لأن أبا بكر وعمر كانا واليين على مثلي، وأنا اليوم وال على

[1] ذو النورين .. عثمان بن عفان، محمد مال الله، ص99.
[2] الدولة الأموية، يوسف العش، ص133.
[3] دراسات في عهد النبوة والخلافة الراشدة، ص382.
[4] مجموع فتاوى ابن تيمية (28/ 148، 149).
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 325
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست