responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 286
شديدا على أهل الفسوق بها، حربا على مظاهر الترف والتخنث [1]، عادلا مع رعيته، حذرا من مجاملة ذوي قرباه، أو من يحاول منهم استغلال نفوذه؛ فقد لطم أخوه عبد الرحمن مولى لأهل المدينة يعمل حناطا أثناء فترة ولاية مروان على المدينة، فشكا الحناط إلى مروان، فأتى بأخيه عبد الرحمن، وأجلسه بين يدي الحناط وقال له: الطمه، فقال الحناط: والله ما أردت هذا، وإنما أردت أن أعلمه أن فوقه سلطانا ينصرني عليه، وقد وهبتها لك، فقال: لست أقبلها منك، فخذ حقك، فقال: والله لا ألطمه، ولكن أهبها لك، ولست والله لاطمه، فقال مروان: لست والله قابلها، فإن وهبتها فهبها لمن لطمك أو لله عز وعلا، قال: قد وهبتها لله تعالى، فقال عبد الرحمن شعرا يهجو أخاه مروان لذلك [2].
إن هذه الصورة المشرقة عن علم مروان وعدله وفقهه وتدينه تكاد تختلف تماما عن تلك الصورة الكريهة التي يقدمها عنه معظم المؤرخين والرواة الذين اجتهدوا لتشويه حياة الرجل، فلما حانت وفاته اجتهدوا أيضا لتشويهها, فزعموا أن امرأته أم خالد بن يزيد بن معاوية، خنقته بوسادتها، أو دست له السم لما سب ابنها -بزعمهم- أمام جماعة من الناس، وهذه القصة -ومع ما تحتويه من عناصر متناقضة- تبدو لأول وهلة وكأنها أسطورة اخترعتها مخيلات عجائز القوم، ثم رددتها الألسن، إما حبًّا في الثرثرة، أو لتنال من سمعة هذه الأسرة الرفيعة المكانة حسدا لما وصلت إليه من مجد [3]. فهل كان موته طبيعيا، أم مات بإصابة الطاعون، أم خنقته زوجته؟ إن تناقض الروايات دليل على أن الحقيقة غير معروفة، والروايات التي تزعم أن زوجته هي التي اغتالته مباشرة أو بالواسطة (عن طريق بعض جواريها) غير مقبولة أو معقولة، فهذه الزوجة سيدة شريفة من بيت عبد شمس وزوجها قريبها، وهو خليفة، وهي كانت زوجة خليفة وأم خليفة (وهو معاوية بن يزيد بن معاوية)، وهو عمل لا تقدم النساء الشريفات عليه، ثم إننا لم نر أي أثر لهذا الاغتيال، فلم يحدث في الأسرة أي خلاف، ولا مطالبة بالثأر، وظل خالد على مكانته عند عبد الملك، كما أن الدافع لا يكفي بحال لارتكاب جريمة القتل [4]. وذكر عن بعض أهل العلم أنه قال: كان آخر كلام تكلم به مروان: وجبت الجنة لمن خاف

[1] الدولة الأموية المفترى عليها، ص200.
[2] الدولة الأموية المفترى عليها، ص200.
[3] عبد الملك بن مروان، د. الريس، ص12.
[4] الدولة الأموية المفترى عليها، ص201.
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 286
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست