اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 284
يقول عنه المقريزي: ومكث أميرا مدة ولاية عثمان - رضي الله عنه - كلها محمودا في ولايته [1]. وقال فيه الذهبي: ولم يتعد ولا فعل ما ينقم عليه، وكان أحد عقلاء الرجال وأجوادهم [2]. وقد كانت ولاية مصر في أول أمرها هادئة مستقرة إلى أن تمكن مثيرو الفتنة من أمثال عبد الله بن سبأ من الوصول إليها وإثارة الناس فيها، فكان لهم وللمتأثرين بهم دور كبير في مقتل عثمان - رضي الله عنه -، كما أن الأحوال في مصر نفسها اضطربت نتيجة طرد الوالي الشرعي لها واستيلاء أقوام آخرين على الأمور بطريقة غير شرعية، وقد تمكنوا خلال تلك الفترة من بث الكراهية في قلوب الناس لخليفتهم عثمان نتيجة مكائد قاموا بها وأكاذيب لفقوها ونشروها [3] -سيأتي الحديث عنها بإذن الله تعالى-. ولما وقعت الفتنة بمقتل عثمان - رضي الله عنه - اعتزلها عبد الله بن سعد وسكن عسقلان، أو الرملة في فلسطين. وروى البغوي بإسناد صحيح عن يزيد بن أبي حبيب قال: خرج ابن أبي السرح إلى الرملة بفلسطين، فلما كان عند الصبح قال: اللهم اجعل آخر عملي الصبح، فتوضأ ثم صلى، فسلم عن يمينه ثم ذهب يسلم عن يساره فقبض الله روحه [4].
سادسًا: مروان بن الحكم ووالده:
كان مروان بن الحكم من أخص أقرباء عثمان به، وأوثقهم صلة بمركز الخلافة وألصقهم بالأحداث التي عصفت بالوحدة الإسلامية في عهد عثمان - رضي الله عنه -، فكان منه بمنزلة كاتم سر الدولة، أو حامل ختم الملك [5]. ولم يكن مروان بالتأكيد المستشار الأوحد للخليفة الذي كان يستشير كبار الصحابة وصغارهم، ولم يكن بمعزل عن قادة الرأي في مجتمع الإسلام، وكذلك لم يكن مروان الوزير الذي تجمعت تحت يده سلطات الدولة، إنما كان كاتبا للخليفة، وهي وظيفة تستمد أهميتها من قرب صاحبها من إذن الخليفة وخاتمه، أما ادعاء توريطه عثمان وإثارة الناس عليه لتنقل الخلافة بعد ذلك إلى بني أمية، فافتراض لا دليل عليه، ولم تنتقل الخلافة إلى بني أمية إلا بعد أهوال جسام لم يكن لمروان فيها دور خطير، ثم إن عثمان لم يكن ضعيف [1] الخطط (1/ 299). [2] سير أعلام النبلاء (3/ 34). [3] الولاية على البلدان (1/ 186). [4] الإصابة ترجمة (4711)، سير أعلام النبلاء (3/ 35). [5] عثمان بن عفان، صادق عرجون، ص117.
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 284