اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 282
الله عنه -: أعياني وأعضل بي أهل الكوفة، ما يرضون أحدا ولا يرضى بهم، ولا يصلحون ولا يصلح عليهم [1]. وفي رواية: أعياني أهل الكوفة؛ فإن استعملت عليهم ليِّنا استضعفوه، وإن استعملت عليهم شديدا شكوه [2]. بل إنه دعا عليهم فقال: اللهم إنهم قد لبسوا عليَّ فلبِّس عليهم [3].
وقد كان سعيد بن العاص رجلا حكيما، فقد قال: لجليسي علىَّ ثلاث؛ إذا دنا رحبت به، وإذا جلس أوسعت له، وإذا حدث أقبلت عليه. وقال لابنه: يا بني، أجرِ لله المعروف إذا لم يكن ابتداء من غير مسألة، فأما إذا أتاك الرجل تكاد ترى دمه في وجهه، أو جاءك مخاطرا لا يدري أتعطيه أم تمنعه، فوالله لو خرجت له من جميع مالك ما كافأته. وقال أيضا: يا بني، لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا الدنيء فتهون عليه. ودخلت عليه ذات يوم امرأة من العابدات وهو أمير الكوفة فأكرمها وأحسن إليها، فقالت: لا جعل الله لك إلى لئيم حاجة، ولا زالت المنة في أعناق الكرام، وإذا أزال عن كريم نعمة جعلك سببا لردها عليه.
ولما حضرت سعيدًا الوفاة جمع بنيه وقال لهم: لا يفقدن أصحابي غير وجهي، وصلوهم بما كنت أصلهم به، وأجروا عليهم ما كنت أجري عليهم، واكفوهم مؤنة الطلب، فإن الرجل إذا طلب الحاجة اضطربت أركانه، وارتعدت فرائصه مخافة أن يرد، فوالله لرجل يتململ على فراشه يراكم موضعا لحاجته أعظم منة عليكم مما تعطونه. ثم أوصاهم بوصايا كثيرة، وكانت وفاته 58هـ، وقيل 57هـ، وقيل 59هـ [4].
خامسًا: عبد الله بن سعد بن أبي السرح:
درج المؤرخون في الغالب إذا ذكروا اسم عبد الله بن أبي السرح وتولية عثمان له على ولاية مصر على أن يقولوا: لقد ولى عثمان على مصر عبد الله بن أبي السرح أخاه من الرضاعة [5]. وإيراد عبارة (أخاه من الرضاعة) مقرونة بالتولية تعتبر إيحاء من بعض المؤرخين باتهام عثمان - رضي الله عنه - , وأنه لهذه الأخوة من الرضاعة ولاه على مصر، وهذا الذي يراه المؤرخ غير صحيح، ولكي نرد على هؤلاء وعلى ما يغمزون به أمير [1] المعرفة والتاريخ للفسوي (2/ 754). [2] تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة (1/ 423). [3] المنهاج لابن تيمية (3/ 188). [4] البداية والنهاية (8/ 90). [5] الكامل لابن الأثير (3/ 88).
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 282