responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 281
الخير يعم [1]. ورحم الله المؤرخين القدماء، فقد كانوا حسني الظن بالقراء، فجمعوا في كتبهم الروايات المتناقضة، وحسبوا أن القراء في جميع العصور يستطيعون تمييز الغث من السمين، وعذرهم بأنهم كانوا يؤلفون لأهل عصرهم، وما عرفوا أن القرون التالية ستحفل بمن يحتطب بليل [2]. فقد روى ابن سعد في ترجمة سعيد بلا إسناد يقول: قالوا: فلما قدم سعيد الكوفة واليا قدمها شابا مترفا ليست له سابقة، فقال: لا أصعد المنبر حتى يطهر، فأمر به فغسل، وقال على المنبر: إنما هذا السواد بستان لأغُيْلمة من قريش، فشكوه إلى عثمان [3]. وهذا كلام لا يصح لأنه غير مسند؛ ولأن سعيد بن العاص الذي قاد جيوش الجهاد وفتح الفتوح لا يكون كما وصف القائلون. ثم إن ابن سعد يروي قولة سعيد هذه على لسان الأشتر مالك بن الحارث عندما منع سعيد بن العاص من دخول الكوفة بعد سنوات من ولايته؛ حيث قال الأشتر: هذا سعيد بن العاص قد أتاكم يزعم أن هذا السواد بستان لأغيلمة من قريش، والسواد مساقط رؤوسكم, ومراكز رماحكم، وفيئكم وفئ آبائكم [4].
ومالك بن الحارث الملقب بـ (الأشتر) صاحبة فتنة؛ كان من رؤساء الخوارج الذين حاصروا عثمان وقتلوه، ولا يستغرب من هؤلاء أن يختلقوا الأقوال لإثارة كره الناس، وإذا كانت هذه الجملة قد قيلت، فإن الذين قالوها هم الخارجون على الخلافة؛ لأنهم فهموا هذا الفهم السقيم بسبب تتابع الأمراء على العراق -وبخاصة الكوفة- من قريش، ولأن العصبية القبلية واضحة في هذه المقولة [5]. وقد قال الإمام الذهبي فيه: وكان أميرا شريفا جوادا، ممدَّحا، حليما، وقورا، ذا حزم وعقل، يصلح للخلافة (الولاية) [6]. وأما قول المخالفين والذين طعنوا في عثمان - رضي الله عنه - بأنه استعمل سعيد بن العاص على الكوفة وظهر منه ما أدى إلى أن أخرجه أهل الكوفة [7] , فمجرد إخراج أهل الكوفة له لا يدل على ذنب يوجب ذلك، فمن عرف الكوفة وسبر أحوالها عرف كثرة تشكي أهلها من ولاتهم بلا مبرر شرعي ولأتفه الأسباب، حتى قال فيهم عمر بن الخطاب - رضي

[1] المدينة المنورة فجر الإسلام (2/ 213).
[2] المدينة المنورة فجر الإسلام (2/ 213).
[3] المصدر نفسه (2/ 213)، الطبقات (5/ 32).
[4] المصدر نفسه (2/ 214).
[5] المصدر نفسه (2/ 214).
[6] سير أعلام النبلاء (3/ 447).
[7] تاريخ الطبري (5/ 279).
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 281
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست