اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 278
المشاغبين تنمو، ورمى الوليد بن عقبة - وهو على الكوفة - بشرب الخمر وشهد عليه جماعة منهم وحده عثمان وعزله [1]. وما حكاه الطبري ببعض تفاصيل: إن أبناءً لأبي زينب وأبي مورع وجندب بن زهير نقبوا على ابن الحيسمان داره وقتلوه، فشهد عليهم بذلك أبو شريح الخزاعي الصحابي وابنه، -وكان جارا لابن الحيسمان- فاقتص منهم الوليد، فأخذ الآباء على أنفسهم أن يكيدوا للوليد، وأخذوا يترقبون حركاته فنزل به أبو زبيد الشاعر، وكان نصرانيا من أخواله بني تغلب، وأسلم على يد الوليد, وكان الضيف متهما بشرب الخمر، فأخذ بعض السفهاء يتحدثون بذلك في الوليد لملازمته أبا زبيد، ووجد أبو زينب وأبو مورع خير فرصة يغتنمانها، فسافرا إلى المدينة وتقدما إلى عثمان شاهدين على الوليد بشرب الخمر، وأنهما وجداه يقئ الخمر، فقال عثمان: ما يقئ الخمر إلا شاربها، فجيء بالوليد من الكوفة فحلف لعثمان وأخبره خبرهم، فقال عثمان: نقيم حدود الله ويبوء شاهد الزور بالنار، فاصبر يا أخي [2].
قال محب الدين الخطيب: وأما الزيادة التي وردت في رواية مسلم من أنه أتى بالوليد وقد صلى الصبح ركعتين ثم قال: أزيدكم، وفي بعض طرق أحمد أن صلى أربعا، فلم تثبت في شيء من شهادة الشهود، فهي من كلام حضين الراوي للقصة، ولم يكن حضين من الشهود ولم يروها عن شاهد ولا عن إنسان معروف، ولا كان في الكوفة في وقت الحادث المزعوم، فلا اعتداد بهذا الجزء من كلامه [3].
هذا هو والي عثمان على الكوفة الوليد بن عقبة، المجاهد الفاتح، العادل المظلوم الذي كان منه لأمته كل ما استطاعه من عمل طيب، ثم رأى بعينه كيف يبغي المبطلون على الصالحين, وينفذ باطلهم فيهم, فاعتزل الناس بعد مقتل عثمان في ضيعة له منقطعة عن صخب المجتمع، وهي تبعد خمسة عشر ميلا عن بلدة الرقة من أرض الجزيرة التي كان يجاهد فيها ويدعو الناس للإسلام في خلافة عمر [4]، واعتزل جميع الحروب التي كانت أيام علي ومعاوية -رضي الله عنهما- إلى أن توفي بضيعته ودفن بها في عام 61هـ، وقيل إنه توفي في أيام معاوية [5]. [1] تاريخ ابن خلدون (2/ 473)، فصل الخطاب في مواقف الأصحاب، ص81. [2] تاريخ الطبري (5/ 277). [3] العواصم من القواصم، ص96، 97 [4] المصدر نفسه، ص94. [5] البداية والنهاية (8/ 216).
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 278