اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 193
سادسًا: القبارصة ينقضون الصلح:
في سنة اثنتين وثلاثين هجرية، وقع سكان قبرص تحت ضغط رومي عنيف أجبرهم على إمداد جيش الروم بالسفن ليغزوا بها بلاد المسلمين، وبذلك يكون القبرصيون قد أخلوا بشروط الصلح، وعلم معاوية بخيانة أهل قبرص فعزم على الاستيلاء على الجزيرة ووضعها تحت سلطان المسلمين، فقد هاجم المسلمون الجزيرة هجوما عنيفا فقتلوا وأسروا وسلبوا؛ هجم عليها جيش معاوية من جهة وعبد الله بن سعد من الجانب الآخر، فقتلوا خلقا كثيرا، وسبوا سبيا كثيرا وغنموا مالا جزيلا [1]. وتحت ضغط القوات الإسلامية اضطر حاكم قبرص أن يستسلم للفاتحين ويلتمس منهم الصلح، فأقرهم معاوية على صلحهم الأول [2]. وخشى معاوية أن يتركهم هذه المرة بغير جيش يرابط في الجزيرة فيحميها من غارات الأعداء ويضبط الأمن فيها حتى لا تتمرد على المسلمين، فبعث إليهم اثني عشر ألفا من الجنود، ونقل إليهم جماعة من بعلبك, وبنى هناك مدينة، وأقام فيها مسجدا، وأجرى معاوية على الجنود أرزاقهم. وظل الحال على ذلك، الجزيرة هادئة والمسلمون آمنون من هجمات الروم المفاجئة، ولاحظ المسلمون أن أهل قبرص ليس فيهم قدرات عسكرية، وهم مستضعفون أمام من يغزوهم، وأحس المسلمون أن الروم يغلبونهم على أمرهم ويسخرونهم لمصالحهم فرأوا أن من حقهم عليهم أن يحموهم من ظلم الروم، وأن يمنعوهم من تسلط البيزنطيين، وقال إسماعيل بن عياش: أهل قبرص أذلاء مقهورون يغلبهم الروم على أنفسهم ونسائهم، فقد يحق علينا أن نمنعهم ونحميهم [3].
سابعًا: ما أهون الخلق على الله إذا هم عصوه:
وقد جاء في سياق هذه الغزوة المذكورة خبر أبي الدرداء - رضي الله عنه - حينما نظر إلى سبي الأعداء فبكى، ثم قال: ما أهون الخلق على الله إذا هم عصوه. فانظر إلى هؤلاء القوم بينما هم ظاهرون قاهرون لمن ناوأهم، فلما تركوا أمر الله -عز وجل- وعصوه صاروا إلى ما ترى [4]. وجاء في رواية: فقال له جبير بن نفير: أتبكي وهذا يوم أعز الله فيه [1] جولة تاريخية، ص359، 360. [2] البلاذري، ص158. [3] جولة تاريخية، ص361. [4] التاريخ الإسلامي (12/ 396).
اسم الکتاب : تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان - شخصيته وعصره المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 193