responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 60
البساسيري قد شرع في استخدام طائفة من العوام ودفع إليهم السلاح من دار المملكة، وكان قد جمع العيّارين وأطمعهم في نهب دار الخلافة ونهب أهل الكرخ - الشيعة - ودور أهل السنة بباب البصرة، ونهبت دار قاضي القضاة الدَّمغانيَّ، وهلك أكثر السِّجلات والكتب الحكيمة، وبيعت للعطارين، ونُهبت دور المتعلقين بالخليفة، وأعادت الرَّوافض الأذان بحيَّ على خير العمل، وأُذِّن به في سائر جوامع بغداد في الجُمُعات والجماعات، وخطب ببغداد وضربت له السَّكةُ على الذهب والفضة وحُوصرت دار الخلافة فدافع الوزير أبو القاسم بن المسلمة المُلقَّب برئيس الرؤساء بمن معه من المستخدمين دونها، فلم يُفد ذلك، فركب الخليفة بالسَّواد والبُردة على كتفيه، وعلى رأسه اللواء وبيده سيف مُصلتُ، وحوله زمرة من الهاشميين والجواري حاسرات عن وجُوههن، ناشرات شعورهن، معهن المصاحف على رُءُوس الرماح وبين يديه الخدم بالسيوف المُسَللةِ، ثم إن الخليفة أخذ ذِِماماً من أمير العرب قريش بن بدران لنفسه وأهله ووزيره ابن المُسلمة فأمَّنه على ذلك كله، وأنزله في خيمة، فلامه البساسيري على ذلك، وقال: قد علمت ما كان وقع الاتفاق بيني وبينك من أنك لا تستبد برأي دوني، ولا أنا دونك، ومهما ملكنا فبيني وبينك، واستحضر البساسيري أبا القاسم بن مسلمة فوبّخه ولامه لوماً شديداً، ثم ضربه ضربًا مبرحاً، واعتقله مهاناً عنده، ونهبت العامة دار الخلافة، فلا يُحصَى ما أخذوا منها من الجواهر والنَّفائس والدَّيباج والأثاث والثياب، وغير ذلك مما لا يُحَدُّ ولا يُوصَفُ (1)
وفي يوم عيد الأضحى من سنة 450هـ ألبس البساسيري الخطباء والمؤذنَّين البياض، وعليه هو وأصحابه كذلك، وعلى رأسه الألوية المستنصرية والمطارد المصرية، وخطب للمستنصر الفاطمي صاحب مصر، والرَّوافض في غاية السرور والأذان في سائر بلاد العراق بحيَّ على خير العمل، وانتقم البساسيريُّ من أعيان أهل بغداد انتقاماً عظيماً، وغرَّق خلقا ممن كان يعاديه، وبسط على آخرين الأرزاق والعطايا. ولما كان يوم الإثنين لليلتين بقيتا من ذي الحجة أُحضر بين يديه الوزير أبو القاسم بن المسلمة المُلقَّبُ برئيس الرؤساء وعليه جُبَّةُ صوف، وطرطور من لبد أحمر وفي رقبته مِخنقة من جلود كالتعاويذ، فأُركب جملاً [2]، وطيف به في البلد وخلفه من يصفعه بقطعة من جلد، وحين اجتاز بالكرخ نثروا عليه خُلقان المداسات، وبصقوا في وجهه ولعنوه وسبُّوه, وهذه هي عادتهم عندما يتمكنون من مخالفيهم في كل زمان ومكان،
وأُوقف بإزاء دار الخلافة، وهو في ذلك يتلو قوله تعالى: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ
تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ بِيَدِكَ

(1) البداية والنهاية (15/ 756، 757) ..
[2] المصدر نفسه (15/ 759).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 60
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست