اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 573
ذات قيمة كبيرة على الرغم من أنها كانت الممهدة الحقيقية لإنجاز عام 539هـ /1144م. لا نغفل أيضاً أن الدعاية السياسية الناجحة والفعالة التي قدمها المؤرخ العراقي الفذ ابن الأثير من خلال كتابه «الباهر» لمؤسس البيت الزنكي قد جعلت المؤرخين يتأثرون بها بصورة أو بأخرى، على نحو جعل سابقي عماد الدين زنكي في مثل ذلك الموقف من حيث تقويم دورهم التاريخي، ويكفي مودود فخراً أنه نجح في ضرب الوجود الصليبي في الجليل، وهي منطقة لم تصل إليها فعاليات المسلمين منذ قرابة عقدين من الزمان، ويكفيه أنه ألحق الهزيمة بمؤسس مملكة بيت المقدس الصليبية، ونستطيع أن نصل إلى رؤية محددة من خلال أن قادة الجهاد الإسلامي كل يكمل الآخر، ولا خصومة بينهم، وما قام به مودود أفاد - فما بعد - القائد العظيم صلاح الدين الأيوبي، ولذا فبالإمكان القول؛ اليوم الصنبرة وغداً حطين؛ وهذا ما أثبته السياق العام لتاريخ تلك المنطقة في القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي [1].
وعلى أية حالة عند مقارنة جهد مودود بسابقيه في صورة كربوقا، وجكرمش، وجاولي سقاوة سيتضح لنا أنها أدوار متدرجة ومتصارعة، فكربوقا انحصر أمره في نجدة أنطاكية, وجكرمش زاد الأمر من خلال تحالفه مع سقمان بن أرتق على نحو أدى إلى الانتصار في معركة حران 498هـ/1104م, أما مودود فإن دوره أكثر تعاظماً على نحو أدى إلى هزيمة الصليبيين في معركة الصنبرة عام 507هـ/1113م، وهو أمر يثبت لنا أنه خلال نحو تسعة أعوام فقط تم إلحاق هزيمتين كبيرتين بالصليبيين، غير أن العقبة القائمة تمثلت في عدم الإفادة من كل من الانتصارين في اجتياح مناطق الأعداء، وتحقيق انتصار سريع خاطف يصعب على الصليبيين تعويض خسائرهم من جرائه غير أن بقايا ظاهرة التشرذم السياسي، والتباغض بين القيادات الإسلامية كان عائقاً دون تحقيق ذلك [2].
6 - نجم الدين إيلغازي صاحب ماردين: ارتبطت حركة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين ارتباطاً شديداً بزعماء الموصل الذين كانوا تحت طاعة السلاجقة, وأدت وفاة السلطان محمد بن ملكشاه سنة 512هـ/1117م إلى ازدياد تدهور أحوال السلاجقة في العراق، فسعى السلطان محمود بن محمد ملكشاه إلى استدعاء آق سنقر من الموصل لتوليته شحنكية بغداد [3] , الأمر الذي أفقد الموصل مكانتها القيادية في بعث حركة الجهاد الإسلامي ضد الصليبين مؤقتاً، وانتقال هذه القيادة إلى نجم الدين إيلغازي صاحب ماردين، واستهل إيلغازي أعماله بالاستيلاء على حلب سنة 511هـ/1117م، لأهميتها بالنسبة لأية قيادة [1] الحروب الصليبية بين الشرق والغرب،، ص 157. [2] المصدر نفسه، ص 158. [3] الوافي بالوفيات (9/ 310) , النجوم الزاهرة (5/ 214).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 573