responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 566
الإسلامية تقترب من حلب حتى أقفل رضوان بوجهها الأبواب، واتخذ من إجراءات الحيطة لمنع المظاهرات فأمر باعتقال عدد كبير من أعيان المدينة واتخذهم رهائن, ولم يسع مودود إلا أن يتحرك بجيشه جنوباً إلى شيزر بعد أن أغار على عدد من المواقع الصليبية في الشمال. وفي شيزر اجتمع به طغتكين الذي كان قد توجه إلى بغداد طالبا المساعدة لاستعادة طرابلس، إلا أنه خاف أن تؤخذ منه دمشق فشرع في مهادنة الصليبيين سرا. وأما تانكرد الذي عسكر أمام شيزر فإنه تراجع إلى أفامية، وأرسل إلى الملك بلدوين يستنجد به، فاستجاب له هذا وبعث إلى سائر الفرسان في الشرق الصليبي ليلحقوا به, فانضم إليه عدد كبير منهم، كما قام تانكرد باستدعاء أتباعه من سائر جهات أنطاكية.
وأما مودود فقد تحصن خلف أسوار شيزر قبل أن يكتمل حشد الصليبيين الذين بلغ عددهم نحو ستة عشرة ألف مقاتل كان على رأسهم ملك بيت المقدس، وأمراء الرها وأنطاكية وطرابلس، ورفض مودود أن يجروه أعداءه إلى معركة حاسمة. إلا أن الأمور لم تجر على نحو طيب في جيشه، إذ إن طغتكين لم يشأ أن يبذل له المساعدة إلا بعد أن تعهد مودود بالمضي في حملته إلى الجنوب لقتال الصليبيين في فلسطين, رغم خطورة هذه المحاولة من الناحية العسكرية. وأما برسق الكردي فأصابه المرض وأراد أن يعود إلى بلاده، ومات سقمان القطبي فجأة فانسحبت عساكره صوب الشمال حاملة جثمانه، وبادر أحمديل إلى الانسحاب بعساكره محاولاً انتزاع جانب من ممتلكات سقمان, ولم يعد بوسع مودود القيام بالهجوم نظراً لتناقص قواته يوماً بعد يوم, كما أنه لم يكن راغباً في أن يقضي الشتاء بعيداً عن الموصل، فقفل عائداً إليها [1]. كان لتلك البوادر السيئة من قبل بعض الأمراء أثرها المباشر على إمكان تحقيق أي نصر حاسم ضد الصليبيين، كذلك الذي حققه جكرمش وسقمان في معركة البليخ. وقد أظهرت هذه الأحداث مدى تفكُّك القيادات الإسلامية وعدم وحدتها، في الوقت الذي تجمعت فيه القوى الصليبية في شمالي الشام وجنوبه، وحققت لبلدوين ملك بيت المقدس نوعاً من الزعامة على سائر أمراء الصليبيين [2]. كانت سياسة رضوان في إمارة حلب شراً كلها، فقد هادن الإسماعيلية والصليبيين، وحالفهم ضد خصومهم من المسلمين، إذ انضم إلى صاحب أنطاكية الصليبي ضد صاحب الموصل جاولي عام 501هـ, وعندما هاجم الأمير مودود صاحب الموصل أنطاكية وتل باشر، رفض رضوان مساعدته وأغلق مدينة حلب في وجهه بل تحالف مع «تانكرد» الصليبي صاحب أنطاكية ضد المجاهدين، وبقيت أبواب المدينة مغلقة سبع عشرة ليلة في وجه الجيش الإسلامي ([3]
ولم يحفظ له الصليبيون هذه المواقف, فحاصروا حلب عام 504هـ واشتد

[1] مرآة الزمان (8/ 35، 36).
[2] المقاومة الإسلامية للغزو الصليبي، ص 118.
[3] زبدة الحلب (2/ 159).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 566
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست