اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 554
للانتقاد بسبب عدم افتدائه لرفيقه بلدوين، فضلاً عن التزامه بالمعاهدات التي كان عقدها مع الإمبراطور الذي راح يشجع الانتفاضات التي قام بها سكان قليقية ضد حكامهم النورمان، كما أوعز إلى قواته بالاستيلاء على عدد من المدن والمواقع التي كان تانكرد قد استولى عليها من قبل، واشترك الأسطول البيزنطي في السيطرة على بعض المدن الساحلية بين اللاذقية وطرطوس، يضاف إلى ذلك أن البيزنطيين تمكنوا من استغلال قواعدهم البحرية في قبرص لتقديم المساعدات لريموند الضجلي - عدو بوهمند اللدود - الذي كان يسعى لتأسيس إمارة حول طرابلس تحاذي أنطاكية من الجنوب, في الوقت الذي لم يتقدم فيه أحد من القدس لنصرة بوهمند ومساعدته في هذه المحنة [1].
وهكذا قدر لجكرمش، بتحالفه مع سقمان، أن يلعب دوراً خطيراً في تاريخ الحروب الصليبية، وأن يقدم وحليفه للعالم الإسلامي أول نصر حاسم على الصليبيين، فتح به الطريق لظهور قيادات وأحلاف إسلامية وجهت الضربات المتتالية للقوى الصليبية، تلك القيادات التي بدأت بمودود حاكم الموصل السلجوقي، وانتهت بصلاح الدين، عبر إيلغازي وبلك الأرتقيين، وآق سنقر البرسقي، ثم عماد الدين ونور الدين الزنكيين [2].
هـ- مواصلة جكرمش للجهاد: ورغم بعض البوادر السلبية التي أعقبت انتصار المسلمين في البليخ فإن جكرمش ظل يطمح لتحقيق انتصارات أخرى في هذا الميدان، وبعد أقل من سنتين أتيح له ذلك عندما تلقى في أواخر عام 499هـ - 1106م أمراً من السلطان محمد بالقيام بحملة جديدة لمهاجمة الصليبيين، فاتصل بأمراء المنطقة, وتمكن من تشكيل حلف يضم رضوان أمير حلب وإيلغازي الأرتقي أمير ماردين وألبي تمرتاش صاحب سنجار والأصبهبذ صاوا أحد كبار أمراء فارس إلاَّ أن ما طرحه إيلغازي على الأمراء المذكورين، أعاق تنفيذ الخطة المقترحة؛ إذ طلب منهم أن يبدأوا حملتهم ضد جكرمش بقصد الاستيلاء على الموصل لكسب رضا السلطان محمد الذي كان يحقد على حاكم الموصل بعض تصرفاته، فضلاً عن إمكانية الاستفادة المباشرة من ميزان الموصل وإمكانياتها المالية والعسكرية ضد الصليبيين, فوافقه زملاؤه على ذلك ومضوا معًا لمهاجمة نصيبين التابعة لحاكم الموصل, إلا أن نواب جكرمش هناك نجحوا - بتوجيه من سيدهم في الموصل - في إثارة النزاع والكراهية بين رضوان وإيلغازي، فاغتنم رضوان فرصة إقامة وليمة أمام أسوار نصيبين وقام باختطاف إيلغازي وتكبيله واعتقاله، إلا أن أتباعه من التركمان تمكنوا من تخليصه، وقاموا بهجوم مباغت على معسكر رضوان أرغمه على الانسحاب والعودة إلى [1] المقاومة الإسلامية للغزو الصليبي، ص 100. [2] المصدر نفسه، ص 102.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 554