اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 555
حلب, وبذا تمزق هذا التحالف قبل أن يخطو خطوة واحدة صوب هدفه الأساسي في قتال الصليبيين [1]، إلا أن ذلك كله لم يثن جكرمش عن عزمه على مهاجمة أعدائه الحقيقيين، إذ إنه ما أن تمكن من إحباط مساعي الأمراء المتحالفين ضده حتى بادر بشن الهجوم على الرها، إلا أنه مالبث أن عاد إلى الموصل ليواجه متاعب جديدة تجاه السلاجقة بعد أن نجح في التغلب على هجوم قامت به عساكر ريتشارد (سالرنو) الذي كان يحكم الرها آنذاك نيابة عن بلدوين المأسور.
ولم يمض وقت قصير على ذلك حتى تحرك قلج أرسلان، سلطان سلاجقة الروم، لمهاجمة الرها، فانتهز نواب جكرمش الفرصة وأرسلوا إليه يستدعونه ليسلموا إليه البلد، فتقدم قلج أرسلان إلى هناك ودخل حران، وفرح به الناس لأجل جهاد الفرنج [2]، وأقام هناك أياماً اضطر بعدها للعودة إلى بلده بسبب مرض شديد ألم به تاركاً في حران جماعة من أصحابه لحمايتها [3]، ويبدو أن شخصية قلج أرسلان بدأت تطغى بما تمتع به من قوة واستقلال ونفوذ، على شخصيات رفاقه من الأمراء المسلمين في المنطقة بسبب خلافاتهم المستمرة، وتطاحنهم الدائم من أجل تحقيق مكاسب إقليمية محدودة فضلاً عن أن المشاكل التي جابهت جكرمش في الموصل، وتدهور علاقته مع السلاجقة صرفت اهتمامه كلية عن ساحة الجهاد ضد الصليبيين، الأمر الذي أدّى إلى أن يستقطب قلج أرسلان اهتمام نواب جكرمش في حران فاستدعوه وسلموه البلد، مما يفسر لنا - كذلك - ما حدث بعد قليل من استدعاء قلج أرسلان من قبل أهالي الموصل كي يتولى حكمهم، إثر مقتل حاكمهم السابق جكرمش [4].
3 - قلج أرسلان وجهاده الكبير في آسيا الصغرى: لم يكد الغرب الأوربي يعلم بنبأ النجاح الذي حققته الجموع الصليبية في بلاد الشام وفلسطين حتى تحمَّس كثير من الأمراء الذين لم يشاركوا من قبل في الذهاب إلى الشرق، تدفعهم مطامع شخصية دنيوية وهي الحصول على الغنائم والضياع فضلاً عن مطامع دينية وهي الحصول على الثواب والغفران، ويُذكر بأن الصليبيين في الشرق كانوا بحاجة ماسَّة إلى محاربين ومستعمرين بهدف:
- مواصلة الحرب ضد المسلمين.
- استئناف عملية التوسع.
- حراسة ما حققوه من مكاسب. [1] المقاومة الإسلامية للغزو الصليبي، ص 103. [2] المقاومة الإسلامية للغزو الصليبي، ص 103. [3] الكامل في التاريخ نقلاً عن المقاومة الإسلامية، ص 104. [4] المقاومة الإسلامية للغزو الصليبي، ص 104.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 555