اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 535
هي عليه من عصيان خالقها سبحانه تظفروا بما تؤملونه من النصرة عليهم [1].
إن الغزو الصليبي لبلاد الشام من وجهة نظر السلمي لم يأت من فراغ وإنما أدرك ضعف المسلمين لعدم تمسكهم بدين الله الحنيف, ولذلك اجتهد في نصحهم بالعودة إلى الله وتطهير النفوس؛ بالرجوع إلى كتاب الله، والإقلال عما تقدم منهم، والنهوض إلى قرع باب الجهاد: وليكن قصدكم بجهادكم هذا إرضاء ربكم، والذب عن أنفسكم، وعن غيركم من إخوانكم ليمحض لكم ثواب غزوكم [2] , ولا يكون ذلك أمام تقدم الغزو الصليبي، وأخذه لمدن عديدة إلا المبادرة إليهم، والمرابطة على المدن التي لم تحصل في أيديهم [3]، فإن النفير إليهم وقصدهم في البلاد التي قد تملكوها علينا إنما هو حرب يقصد بها الدفاع عن النفوس، والأولاد والأهل والأموال, والحراسة لما بقي في أيدينا من البلاد [4].
وأكد السلمي: إن لم يتناس الحكام المسلمون أحقادهم وخلافاتهم فإنهم ما زالوا على جاهلية غير مقتدين بالمثل النابع من التراث: عند الشدائد تذهب الأحقاد [5]، واستمر السلمي في مواضع عديدة من كتاب الجهاد يحث ويحرض ويعظ وينبه، ويعلم الحكام عامة ضرورة الجهاد بخطبه ودروسه التي ألقاها في الجامع الأموي بدمشق، وفي مدن بلاد الشام وفلسطين في اثنين وثلاثين بابا [6]، ولم يترك شاردة ولا واردة في الجهاد إلا وتطرق إليها [7]. ونلاحظ أن السلمي في كتابه الجهاد تطرق إلى توضيح التجزئة والتشرذم في المشرق الإسلامي، وخاصة في بلاد الشام من ضعف القوى الإسلامية، وتفككها مع ضعف الإيمان بفرض الجهاد، وهي نقطة استغلها الغزاة، ولكنه عالج ذلك الخلل بطرحه قضية تطهير النفوس، والعودة إلى التمسك بدين الله الحنيف؛ وإصلاح الأمر فيما بينهم، والاقدام على الجهاد لمواجهة ذلك الغزو، وأنه لا يتم ذلك إلا بوحدة القوى الإسلامية، لذا جاء كتابه الجهاد عاماً، لم يخصصه لسلطة سياسية معينة أو لفئة من المسلمين من بلاد الشام مثلاً, وفق رؤية إسلامية مبنية على إسناد متين تمثل في القرآن الكريم، والسنة النبوية، وكتب السير والمغازي، والتفاسير وربط موضوعاتها بالخطر الصليبي على بلاد الشام، وهذا دليل على مدى إطلاعه وفكره الثاقب في جمع المعلومات وتسخيرها في مكانها المناسب [8]. ونلاحظ من خلال البحث بأن الدعوة الأولى للجهاد لم تصدر عن مجالس الحكام بل صدرت من محافل [1] موقف فقهاء الشام وقضاتها من الغزو الصليبي، ص 98. [2] موقف فقهاء الشام وقضاتها من الغزو الصليبي، ص 98. [3] موقف فقهاء الشام وقضاتها من الغزو الصليبي، ص 98. [4] موقف فقهاء الشام وقضاتها من الغزو الصليبي، ص 98. [5] المصدر نفسه، ص 98. [6] موقف فقهاء الشام وقضاتها من الغزو الصليبي, ص 98. [7] موقف فقهاء الشام وقضاتها من الغزو الصليبي, ص 98. [8] المصدر نفسه، ص 99.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 535