responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 518
العباسي وورثه عباسي آخر لقب نفسه «بالمقتدي» وكان شاباً في التاسعة عشرة من عمره ولم يكن الشاب الشريف النسب قديراً على الإدارة فتولاها عنه سلجوقي آخر يدعى «ملكشاه» وهو ابن ألب أرسلان الذي توفي بعد حياة عامرة بالجهاد, وقد استبد «ملكشاه» بالسلطة - بعد وفاة نظام الملك الوزير الصالح - وازدرى الخليفة، وبلغ من احتقاره له أن أمره بترك بغداد، وتضرع الخليفة إليه أن يمهله شهراً فأبى بعد إلحاح إلاَّ أن يمهله عشرة أيام وحسب، وشاء الله أن يموت «ملكشاه» قبل انقضاء الأجل المضروب وتكتمت زوجته نبأ موته، وذهبت إلى الخليفة المهدد طالبة أن يولي ابنه مكانه، وكان الولد لا يبلغ من العمر خمس سنين، ولكنَّ الخليفة المقتدي ولاّه ومنحه لقب ناصر الدين والدنيا.
أرأيت هذا الهزل كله؟ إنّها مساخر يحار المرء كيف تقع باسم الإسلام في عاصمة الإسلام!! ومتى يحدث هذا السخف في دفة الحكم؟ يحدث وملوك أوربا وبابا الفاتيكان ورجال الكنيسة يصرخون بضرورة الثأر من المسلمين والإجهاز على دين محمد - صلى الله عليه وسلم -، لكن هذه الصيحات لا يبلغ صداها رجال السياسة العليا في بلادنا، إنَّهم ينادون من مكان بعيد، إنَّهم غرقى في شهواتهم الشخصية، ومطامعهم العرقية، لقد فهموا من الإسلام شيئاً واحداً، أنَّ الوحي الأعلى نزل ليخص أفراد أسرتهم بمكنة ممتازة، فبعد ستة قرون أو أقل أو أكثر من شروق الإسلام يرى شاب مسكين من ولد العباس أنّه جدير بقيادة العالم الإسلامي أو يرى نظير له من بني أمية أنَّ المسلمين على شاطئ الأطلسي يجب أن يدينوا له بالطاعة, ألم يكن أجداده الأمجاد عُمُداً في بطحاء مكّة قديماً؟! ولو انتقل الإسلام إلى غرب الأطلسي واعتنقه سكان الأمريكتين فينبغي أن يدخلوا في سلطانه، إن أي عباسي أو فاطمي عديم الكفاية يغنيه هذا الانتساب ليطلب أمراً لا يعرف له رأسا من ذنب، والغريب أن صاحب الرسالة قال لابنته فاطمة: «يا فاطمة بنت محمد - صلى الله عليه وسلم - اعملي لنفسك لا أغني عنك من الله شيئاً» ثم جاء بعد ذلك من ينتسب إلى فاطمة بالحق أو الباطل ليتذرع بهذا النسب إلى قيادة المسلمين [1]!!
الحق أن الأجهزة العليا للدولة الإسلامية لحقها عطب مبكر من جراءِ هذه الدعاوي، وأن غلبة التافهين على مناصب الخلافة العباسية أو الفاطمية أصاب الأُمّة الإسلامية بجرح غائر، ما زال ينزف حتى أفقدها الحياة، ومكَّن منها الأعداء، ثم كان سبباً في أن ناساً من أهل الطموح والقدرة رأوا العجز الفاضح لأبناء هذه الأسر، فنحوهم عن السلطة، واحتازوها لأنفسهم, ولما كان التطلع والادَّعاء شائعين بين الناس، فقد تهارش على الحكم طامعون كثيرون، وأصبح الاستيلاء على مقاليد الحكم مطلباً ميسوراً لكل من يملك سيف المعز

[1] هموم داعية، ص 41.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 518
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست