responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 490
إقامة الصلوات والتعبد طوال هذه الليلة، وعند بزوغ فجر الغد توجهوا حفاة إلى الأماكن المقدسة بالمدينة، تاركين وراءكم كل شهواتكم، مذللين أنفسكم، متضرعين إلى الله بكل التقوى والإيمان لينقذنا من أيدي الأعداء، ولينصرنا عليهم. أما عن نفسي فإنني ذاهب في الحال للوقوف بجوار الملك .. واعلموا جيداً بأنني سوف أحث جميع القادرين منكم على حمل السلاح على أن يأتوا معي لسد حاجة الملك من المقاتلين ([1]
وكان لهذا النداء صدى كبير لدى كثير من المسيحيين الموجودين في القدس, فسرعان ما تقدم أكثر من مائة وخمسين مقاتلاً أبدوا رغبتهم في الانضمام إلى المعسكر الصليبي بالرملة لمناصرة زملائهم. وفي صباح اليوم التالي ذهب برفقة هؤلاء المتطوعين كثير من القساوسة وعلى رأسهم أفريمار بطريرك بيت المقدس حاملاً الصليب المقدس، وقد وصلت هذه الجموع برئاسته إلى الملك بلدوين، وكان أفريمار قد أحضر الصليب المقدس معه حتى تتم البركة به، وعند وصولهم استقبلهم الملك بفرح وسرور عظيمين, وارتفعت الروح المعنوية لدى المقاتلين الصليبيين، وقاموا جميعاً بأداء صلاة الشكر والدعاء لله قبل أن تبدأ المعركة [2]. وعند طلوع فجر يوم المعركة -يوم الأحد 14 ذي الحجة 498هـ - 27 أغسطس 1105م- ركب حصانه وأخذ يغدو ويروح أمام صفوف الصليبيين ويباركهم، ليرفع من روحهم المعنوية ويشجعهم على القتال بنفوس مطمئنة بأن النصر سيكون حليفهم [3]، فكان لهذه الجهود جميعها تأثير كبير وشديد في زيادة حماس المقاتلين الصليبيين تحت قيادة الملك بلدوين، فلم يبالوا بقلة عددهم أمام أعداد المسلمين الهائلة، وكان النصر للجيش الصليبي في نهاية هذه المعركة. وبهذا النصر الصليبي انتهت المحاولات الكبرى التي قامت بها الخلافة الفاطمية لاستعادة فلسطين من قبضة الصليبيين [4].
وجدير بالذكر أنه على الرغم من كثرة ما كتبه المؤرخون اللاتين القدامى عن بطولات رجال الدين المسيحي أثناء حملات الرملة الثلاث، فإننا لم نجد في كتابات المؤرخين المسلمين الذين تناولوا الكتابة عن تلك الفترة أية إشارات توضح لنا دور علماء الدين الإسلامي وفقهائه في تلك الأحداث، وربما يرجع السبب في ذلك إلى أنهم كانوا يسجلون تاريخهم على منهج الحوليات، فيركزون على أهم الأحداث دون كتابة التفاصيل الدقيقة المصاحبة لهذه الأحداث، ولهذا لم نعثر من قريب أو بعيد على معلومات توضح لنا موقف علماء وفقهاء المسلمين من هذه الحملات [5].

[1] دور الفقهاء والعلماء المسلمين في الشرق الأدنى، ص 251.
[2] المصدر نفسه، ص 252.
[3] المصدر نفسه، ص 252.
[4] الكامل في التاريخ (8/ 479) , دور الفقهاء، ص 253.
[5] دور الفقهاء والعلماء، ص 253.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 490
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست