اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 461
ثانياً: حملة الأمراء:
كانت هذه الحملة أكثر تنظيماً من حملة العامة؛ إذ بدت فيها الروح الإقطاعية واضحة، وتولى زعامتها عدد من الأمراء، لكل منهم اتجاهاته وجنده وسياسته الخاصة، مما جعل تلك الحملة في حقيقتها عبارة عن عدة حملات، ربما عملت أحياناً في اتجاهات متعارضة [1]، ويمكن تقسيم حملة الأمراء إلى أربع مجموعات، اعتمد تنظيمها على التقسيمات الجغرافية، وكذلك الوضع الجنسي، واللغوي للعناصر المشاركة فيها، أما المجموعة الأولى فكان على رأسها جود فرد البويوني وأخوه بلدوين وقد قادا جيش القلاندرز، واللورين، وشمال غرب فرنسا, وبالنسبة للمجموعة الثانية: كان على رأسها بوهيمند النورماني وهو ابن روبرت جويسكارد الزعيم النورماني البارز وقد قام بقيادة النورمان الإيطاليين، وكذلك ابن اخته تانكرد، ثم نجد المجموعة الثالثة على رأسها ريموند كونت تولوز ومعه المندوب البابوي أدهيمار، وقد قادا جيوش جنوب فرنسا والبروفنسال، أما المجموعة الرابعة المذكورة فعكست الثقل العسكري لصليبية الأمراء، وفي نفس الحين حملت عناصر القوة والضعف في آن واحد، نظراً للتنافس والتناحر الذي توافر لدى القيادات العسكرية وهو الأمر الذي سينعكس بدوره على أحداث تلك الحملة الصليبية.
1 - موقف اليهود من الحروب الصليبية: ومن الزوايا المهمة التي ينبغي التعرض لها:
أمر اليهود في الغرب الأوروبي عشية قيام الحروب الصليبية، حيث نلاحظ أنهم مثلوا قوة اقتصادية ذات شأن كبير, واستقروا في المدن الكبرى لاسيما تلك الواقعة على خطوط التجارة العالمية ومن أمثلتها حوض الراين بألمانيا، ونجد أن التجار اليهود قد حرصوا على إقراض من اتجه للاشتراك في الحملة الصليبية الأولى بفوائد باهظة من خلال انتشار ظاهرة الربا حينذاك، ولا نغفل أن اليهود منذ بداية المشروع الصليبي توجسوا منه خيفة على مصالحهم التجارية مع تجارة الشرق، ويذكر البعض أن اليهود الألمان في مناطق مثل مينز، وكولونيا جمعوا الأموال، وحاولوا تقديمها لجودفرى البويوني من أجل إثنائه عن عزمه عن المشاركة في أحداث تلك الحملة خوفاً من تهديد مصالح اليهود التجارية في الشرق [2]. زد على ذلك أن اليهود في الغرب الأوربي نظرت إليهم الدوائر الكنسية - صاحبة النفوذ الكبير في تشكيل عقلية ذلك العصر - نظرة عداء وارتياب دائمين من خلال مواقفهم العدائية من المسيحية في تاريخها الباكر، ثم أن اليهود عاشوا في المدن التي أقاموا فيها في أحياء خاصة بهم [1] الحروب الصليبية الأولى, د. حسن حبشي، ص 65. [2] العلاقات بين الشرق والغرب, أحمد رمضان، ص 107.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 461