responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 405
ويبرهن على ذلك ببرهان واقعي، وهو أن صنعة الكلام التي تواضع الناس عليها ..
لم تكن في السلف [1]، فيقول: .. ودع عنك ما تطابق أكثر الناس عليه، وعلى تضخيمه وتعظيمه، لأسباب ودواع يطول تفصيلها، فلقد قبض رسول الله عن آلاف من الصحابة رضي الله عنهم، كلهم علماء بالله، أثنى عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يكن فيهم أحد يحسن صنعة الكلام [2]. فهذه صيحة الغزالي التي دعا فيها إلى إعمال العقل، ونبذ التقليد والتزام منهج السلف، هي حلقة من سلسلة صيحات دوى بها المجتمع الإسلامي من قبل رجال الإصلاح في كل عصر [3]، وقد كانت دعوة الغزالي في أواخر القرن الخامس الهجري قد أثرت تأثير كبيراً في عصره والذي بعده.

سابعاً: الغزالي وعلم الحديث:
من أهم ما أُخذ على الغزالي تقصيره في علم الحديث، وإن شئنا الدقة قلنا في علوم الحديث، وقد رأينا ابن الجوزي يصفه بأنه في الحديث «حاطب ليل» أي يأخذ كل ما وجده دون تمحيص ولا انتقاء، ويرجع هذا إلى أن المدرسة التي نشأ فيها الغزالي، وتكونت في حلقاتها شخصيته العلمية - مدرسة إمام الحرمين خاصة - كان يغلب عليها الطابع العقلي الجدلي، وكان أهم ما يدرس فيها علوم الكلام والأصول والفقه والمنطق والجدل، ولم تكن لها عناية كافية بالحديث وعلومه، وقلما يسلم المرء من تأثير بيئته، وقد عيب على شيخه إمام الحرمين بعض ما عيب عليه في ذلك، ولكن الغزالي زاد على أستاذه في هذا كثيراً، لأن الموضوعات التي عالجها- في التصوف والسلوك - تتسع للضعيف من الحديث أكثر مما يتسع الفقه الذي يتعلق بالأحكام وبيان الحلال والحرام، ومثل ذلك علم «الأصوليين»: أصول الدين، وأصول الفقه، وهي التي اشتهر بها شيخه [4].
ومن الإنصاف أن نبين أن الغزالي لم يكن هو وحده الذي سقط في أحابيل الأحاديث الواهية والموضوعة، فقد سقط في ذلك المتصوفة من قبله، وهو أخذ ما في كتبهم وأبقاه في كتبه، والمتصوفة معروفون بالتساهل في ذلك؛ لأن مجالهم «الرقائق» [5]، بل إن الفقهاء لم ينجوا من الوقوع فيما وقع فيه الصوفية، فكثيراً ما ذكروا في كتبهم أحاديث معلقة غير مسندة ولا ثابتة، وكتب التفسير حشيت بما لا يصح ولا يثبت من الحديث والإسرائيليات [6]. والذي

[1] الإمام الغزالي للشامي، ص 208.
[2] إحياء علوم الدين (1/ 23).
[3] الإمام الغزالي للشامي، ص 209.
[4] الإمام الغزالي بين مادحيه وناقديه للقرضاوي، ص 136.
[5] المصدر نفسه، ص 137.
[6] المصدر نفسه، ص 137.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 405
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست