responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 402
استهدفت العقيدة الإسلامية من أصولها، والتي تمثلت بتيارين هما: الباطنية والفلاسفة, وقد بينا موقف الغزالي من كليهما. وفي مجابهته لهذين التيارين لم يلجأ الغزالي إلى الشتائم والقذف وإنما اعتمد الأسلوب العلمي القائم على الدراسة والاطلاع اطلاعاً يتفوق على أصحاب الفكر نفسه [1]، ولقد ركز الغزالي في تفنيده لهذين التيارين على الأصول الأساسية لكل منهما، وبذلك اقتلعهما من جذورهما حتى آل أمرهما إلى البوار والانحسار، ولنا أن نقدر للغزالي هذه الجرأة الفكرية خصوصاً إذا تذكرنا الإرهاب الفكري الذي أشاعته الباطنية وهي تغتال كل معارض أو منتقد حتى سقط نتيجة لهذا الإرهاب مئات العلماء والأعيان [2]. ولقد ترتب على جهود الغزالي انحسار للتيارات الفكرية المنحرفة التي
مثلها الباطنية والفلاسفة، وركدت سوقهما بين الجماهير وآل أمرهما فيما بعد إلى
البوار والسقوط [3].
ح- الإصلاح في ميدان الفكر: اجتهد الغزالي في إيقاظ الوعي في المجتمع الإسلامي وذلك بتحرير العقل من رق التقليد، وبالعودة إلى منابع الإسلام الأصيلة من كتاب وسنة، والتأكيد على النظرة الكلية الشاملة للمنهج الإسلامي [4] .. وإليك شيء من التفصيل:
- دور العقل: قرر الغزالي بأنه لا تعارض بين العقل والشرع وفي ذلك يقول: فلا غنى بالعقل عن السماع، ولا غنى بالسماع عن العقل، فالداعي إلى محض التقليد مع عزل العقل بالكلية جاهل، والمكتفي بمجرد العقل عن أنوار القرآن والسنة مغرور، فإياك أن تكون من أحد الفريقين، كن جامعاً بين الأصلين، فإن العلوم العقلية كالأغذية والعلوم الشرعية كالأدوية [5]. ثم يقرر بناء على هذا عدم تعارض العلوم العقلية مع العلوم الشرعية فيقول: وظنُّ من يظن أن العلوم العقلية مناقضة للعلوم الشرعية، وأن الجمع بينهما غير ممكن هو ظن صادر عن عمى في عين البصيرة نعوذ بالله منه، بل هذا القائل ربما يناقض عنده بعض العلوم لبعض فيعجز عن الجمع بينهما فيظن أنه تناقض في الدين، فيتحير به، فينسل من الدين انسلال الشعرة من العجين، وإنما ذلك لأن عجزه في نفسه خيل إليه نقصاً في الدين وهيهات [6].
- رفض التقليد: يرى الغزالي - بعد أن حدد مصدر التلقي - أن العالِم ينبغي أن لا

[1] المنقذ من الضلال، ص 6 - 9.
[2] هكذا ظهر جيل صلاح الدين ص163، 164.
[3] المصدر نفسه، ص 173، 174.
[4] الإمام الغزالي، صالح الشامي، ص 197.
[5] إحياء علوم الدين (3/ 17).
[6] المصدر نفسه (3/ 17).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 402
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست