responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 373
على كُنْهها القوى البشرية، المغرورين بعقلهم زاعمين أن فيها مندوحة عن تقليد الرسول - صلوات الله عليهم وسلامه - وأتباعهم - رضوان الله عليهم - فلا جرم اضطروا إلى الاعتراف بأن لُباب معقولاتهم رجع إلى ما لو حكي في منام لتعجَّب منه [1]. وهكذا يستمر الغزالي في نقد الفلاسفة وتشريحهم إلى آخر الكتاب، حتى يأتي على جميع المسائل التي تكفَّل الرَّد عليها، وهي عشرون مسألة، أكثرها في الإلهيات، وكفَّرهم في ثلاث مسائل، إحداها: مسألة قدم العالم، وقولهم أن الجواهر كلها قديمة، والثانية: قولهم إن الله تعالى لا يُحيط علماً بالجزئيات الحادثة في الأشخاص. والثالثة: إنكارهم بعث الأجساد وحشوها. قال: فهذه المسائل الثلاثة، لا تلائم الإسلام بوجه، ومعتقدها معتقد كَذبِ الأنبياء - صلوات الله عليهم وسلامه - وأنَّهم ذكروا ما ذكروه على سبيل المصلحة، تمثيلاً لجماهير الخلق وتفهيماً، وهذا هو الكفر الصراح الذي لم يعتقده أحد من فرق المسلمين [2].
3 - تأثير كتاب تهافت الفلاسفة: ليست أهمية الكتاب في تكفير الفلاسفة، بل إن غاية الكتاب هو إسقاط قيمة الفلسفة العلمية، والحطُّ من مكانتها، وإثبات أنها مجموع أفكار وتَخيلات، وقياسات وتخمينات، وبذلك خدم الغزالي الدين خدمة باهرة، وخلَّف الفلسفة التي كانت وَتحُلُّ من نفوسهم محلَّ القدسية والإجلال، خلفَّها الغزالي بضرباته الموجعة وهجماته العنيفة إلى الوراء، أو وقفها على الأقل وشغلها بنفسها والدفاع عن نفسها, ولم تستطع الأوساط الفلسفية أن تُقدم كتاباً قوياً جديراً بالذكر يرد على «تهافت الفلاسفة» [3] , يقول علماء الإفرنج: إن الغزالي طعن الفلسفة في الشرق العربي طعنة قاضية، وكاد يكون نصيبها في الغرب كذلك، لو لم تَلق في ابن رشد حامياً لها أحياها قرناً من الزمان [4].
4 - خلاصة عمل الغزالي في ميدان الفلسفة: نستطيع تلخيص عمل الغزالي في ميدان الفلسفة بما يلي:
* حاربها دفاعاً عن الإسلام وخدمة لدينه، وقد كانت الفلسفة حرباً على الدين.
* لم يحارب الفلسفة كلها، إنما حدد معركته مع الفلسفة الإلهية الإغريقية.
* أبعد عن الفلسفة العلوم الأخرى التي كانت منضوية تحت لوائها، فجعلها وحيدة بعيدة عن جنودها الذين كانت تستخدمهم كسياج في الدفاع عنها، وقد أصبحت هذه العلوم

[1] المنقذ من الضلال، ص 118.
[2] المصدر نفسه، ص 313 - 315.
[3] رجال الفكر والدعوة (1/ 204).
[4] المصدر نفسه (1/ 204).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 373
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست