responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 361
والأصحاب [1]. وغادر الغزالي بغداد في شهر ذي القعدة سنة ثمان وثمانين، فحج وتوجه إلى الشام، فأقام بها عشر سنين، قضى بعضها في بيت المقدس, وكان غالب وقته فيها عزلة وخلوة، ورياضة ومجاهدة للنفس، واشتغالاً بتزكيتها، وتصفية القلب لذكر الله تعالى، وكان يعتكف في منارة مسجد دمشق طول النهار [2]، ويصف معاصره عبد الغافر انقلابه هذا فيقول: وسلك طريق الزهد والتأله، وطرح ما نال من الدرجة للاشتغال بأسباب التقوى وزاد الآخرة، فخرج عما كان فيه .. وأخذ في مجاهدة النفس وتغيير الأخلاق، وتحسين الشمائل، فانقلب شيطان الرعونة وطلب الرياسة والجاه والتخلق بالأخلاق الذميمة إلى سكون النفس، وكرم الأخلاق، والفراغ عن الرسوم والترتيبات, وتزيا بزي الصالحين، وقصر الأمل .. والاستعداد للرحيل إلى الدار الباقية [3] وأخذ في التصانيف المشهورة مثل إحياء علوم الدين والكتب المختصرة منه، مثل الأربعين وغيرها من الرسائل، التي من تأملها علم محل الرجل من فنون العلم [4].
8 - عودته للتصدي للتعليم: ثم عاد بعد تلك العزلة التي استمرت عشر سنوات إلى بلده طوس، ليتابع عزلته سنة أخرى وتحت إلحاح الولاة وتكرار طلبهم بالخروج إلى الناس .. خرج إلى نيسابور ليدرس بالمدرسة النظامية فيها, وكان ذلك في شهر ذي القعدة سنة 499هـ وقال في ذلك: ويسر الله الحركة إلى نيسابور للقيام بهذا المهم في ذي القعدة سنة تسع وتسعين وأربعمائة، وبلغت مدة العزلة إحدى عشرة سنة [5]، ويشرح لنا الغزالي عودته إلى التعليم، وأنها كانت بأسلوب جديد، ونية جديدة، وهدف جديد يختلف كل الاختلاف عما كان عليه سابقاً, فيقول: وأنا أعلم أني وإن رجعت إلى نشر العلم، فما رجعت، فإن الرجوع عود إلى مكان. وكنت في الزمان أنشر العلم الذي به يكسب الجاه وأدعو إليه بقولي وعملي، وكان ذلك قصدي ونيتي، وأما الآن فأدعو إلى العلم الذي به يترك الجاه ويعرف به سقوط رتبة الجاه, هذا هو الآن نيتي وقصدي وأمنيتي يعلم الله ذلك مني, وأنا أبغي أن أصلح نفسي وغيري, ولكني أؤمن إيمان يقين ومشاهدة أنه لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم، وأني لم أتحرك لكنه حركني، وأني لم أعمل لكنه استعملني، فأسأله أن يصلحني أولاً، ثم يصلح بي، ويهديني، ثم يهدي بي، وأن يريني الحق حقاً ويرزقني اتباعه، ويريني الباطل باطلاً ويرزقني اجتنابه [6]، ولم تطل إقامته في نيسابور وكانت المدة التي درسها في النظامية فيها يسيرة، ثم

[1] المنقذ من الضلال، ص 139 - 143.
[2] الإمام الغزالي للشامي، ص 25.
[3] المصدر نفسه، ص 26.
[4] المصدر نفسه، ص 26.
[5] المنقذ من الضلال، ص 159.
[6] المنقذ من الضلال، ص 159 - 160.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 361
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست