اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 36
منطلق اعتقاد بني بويه بأن سيطرتهم على الخلافة وإضعاف نفوذ الخليفة لن يمكن أهل السنة من التصدي لهم، فقد باشروا خططهم في محاولة نشر التشيع العلوي في المجتمع ومحاربة السنة مساندين في ذلك دعاة التشيع من أمثال موسى بن داود الشيرازي الذي اشتهر بلقب المؤيد في الدين وهو من عائلة عريقة في التشيع على المذهب القرمطي وكان أبوه محل احترام الخلفاء العبيديين، كما كان هو أيضاً محل احترام المرزبان بن عماد الدين أبو كاليجار البويهي وكان إذا كاتبه خاطبه بقوله: لشيخنا وظهيرنا ومعتمدنا المؤيد في الدين عصمة أمير المؤمنين أبي النصر أطال الله بقاءه وأدام عزه وتأييده [1]، وقد كان المؤيد في الدين هبة الله الشيرازي من المجيدين للغتين العربية والفارسية وله الكثير من المؤلفات التي يعتمد عليها الإسماعيلية إلى يومنا هذا ([2])،
وقد لعبت كتبه دوراً كبيراً في نشر الضلال والانحراف والزيغ وعبرت عن مدى تمسكه بمبادئ الحركة القرمطية، ومن أشهر كتبه كتاب المجالس المؤيدية ويضم ما كان يلقيه في مجالس الدعوة الإسماعيلية بعد أن ترقى في سنة 451هـ/1059م إلى مرتبة داعي الدعاة, وله أيضاً كتاب الإيضاح والتبصير في فضل يوم الغدير بالإضافة إلى عدة كتب أخرى وديوان شعر منحرف أيضاً [3]، وهكذا وبدعم أمراء بني بويه لأمثال هذا الداعية الشيعي لم يمض وقت طويل حتى بدأت الفتن العارمة التي نجم عنها العديد من المعارك الداخلية وحالات الاقتتال الطائفي تأخذ مداها بين أهل السنة والشيعة [4].
وأول إشارة إلى الفتن بين الشيعة وأهل السنة خلال العصر البويهي حصلت سنة 338هـ /949م وقد كان من نتيجتها أن نهبت الكرخ [5]، وفي رمضان من سنة 340هـ/ 951م وقعت فتنة عظيمة بالكرخ بسبب المذهب [6]، وفي السنة نفسها ظهر ببغداد رجل ادعى أن أرواح الأنبياء والصديقين تنتقل إليه، وقد وجدت في داره كتب تدينه بالزندقة فتم القبض عليه, فلما تحقق أنه هالك ادعى أنه شيعي ليحضر عند معز الدولة بن بويه وقد كان معز الدولة بن بويه يؤيد الرافضة، فلما اشتهر عنه ذلك، لم يتمكن الوزير منه خوفاً على نفسه من معز الدولة وأن تقوم عليه الشيعة، وإنا لله وإنا إليه راجعون [7]. وتقدم هذه الحادثة الدليل الواضح على مدى مساندة بني بويه لفرق الشيعة الرافضة الأخرى ومدى تشجيعهم ومناصرتهم لهم، وللمنتسبين لهم حتى ولو كانوا من الزنادقة, ويدعم هذا الرأي ما حدث في سنة 341هـ / 952م حيث ظفر الوزير المهلبي بقوم من التناسخية وفيهم امرأة تزعم أن روح فاطمة, رضي الله عنها، انتقلت إليها، وفيهم آخر يزعم أنه جبريل، فضربوا [1] القرامطة أول حركة اشتراكية في الإسلام، طه الولي، ص 200. [2] الحياة العلمية في العراق خلال العصر البويهي، ص 63. [3] الحياة العلمية في العراق خلال العصر البويهي، ص 63. [4] المصدر نفسه، ص 64. [5] المصدر نفسه، ص 64. [6] المصدر نفسه، ص 65. [7] المصدر نفسه، ص 65.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 36