اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 338
الدولة السلجوقية، حتى غلبت على الشام والعراق، وأخرجت الخليفة القائم ببغداد إلى تكريت وحبسوه بها في فتنة البساسيري المشهورة, فجاءت بعد ذلك السلجوقية حتى هزموهم وفتحوا الشام والعراق وقهروهم بخراسان وحجروهم بمصر، وكان في وقتهم من الوزراء مثل «نظام الملك»، ومن العلماء مثل أبي المعالي الجويني، فصاروا بما يقيمونه من السنة ويردونه من بدعة هؤلاء ونحوهم لهم من المكانة عند الأمة بحسب ذلك، وكذلك المتأخرون من أصحاب مالك الذين وافقوه كأبي الوليد الباجي، والقاضي أبي بكر بن العربي ونحوهما لا يعظمون إلا بموافقة السنة، والحديث [1]، والوزير نظام الملك هو صاحبنا الذي تحدثنا عنه فيما مضى, ويعتبر من أبرز من نصر مذهب الأشعري من خلال المدارس النظامية التي أنشأها في أنحاء متفرقة من العراق وخراسان، وهو يذكر فضله فيما قام به من دعم للسلاجقة السنة في مقابل البويهيين الشيعة [2]. والدولة الفاطمية العبيدية ودعاتها.
3 - دفاعهم عن السنة وردودهم على أهل البدع: يقول ابن تيمية بعد كلام طويل عن
الأشاعرة: ثم إنه ما من هؤلاء إلا له في الإسلام مساع مشكورة، وحسنات مبرورة، وله في الرد على كثير من أهل الإلحاد والبدع، والانتصار لكثير من أهل السنة والدين ما لا يخفى على من عرف من أحوالهم، وتكلم فيهم بعلم وصدق وعدل وإنصاف، لكن لما التبس عليهم هذا الأصل المأخوذ ابتداء من المعتزلة، وهم فضلاء عقلاء, احتاجوا إلى طرده والتزام لوازمه فلزمهم بسبب ذلك من الأقوال ما أنكره المسلمون من أهل العلم والدين، وصار الناس بسبب ذلك: منهم من يعظمهم لما لهم من المحاسن والفضائل، ومنهم من يذمهم لما وقع في كلامهم من البدع والباطل، وخير الأمور أوساطها، وهذا ليس مخصوصاً بهؤلاء، بل مثل هذا وقع لطوائف من أهل العلم والدين, والله يتقبل من جميع عباده المؤمنين الحسنات ويتجاوز لهم عن السيئات {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [3] [الحشر: 10]. وفي موضع آخر يذكر ما لهؤلاء من حسنات، فإنها إما موافقة لأهل السنة، أو رد على أهل البدعة. [4] فيقول: ولم يتبع أحد مذهب الأشعري ونحوه إلا لأحد هذين الوصفين أو كليهما، وكل من أحبه وانتصر له من المسلمين وعلمائهم فإنه يحبه وينتصر له بذلك، فالمصنف في مناقبه، الدافع للطعن واللعن عنه - كالبيهقي والقشيري أبي القاسم، وابن عساكر الدمشقي - إنما يحتجون لذلك بما يقوله [1] مجموع الفتاوى (4/ 18). [2] موقف ابن تيمية من الأشاعرة (2/ 705). [3] موقف ابن تيمية من الأشاعرة (2/ 705) , درء التعارض (2/ 102، 103). [4] موقف ابن تيمية من الأشاعرة (2/ 708).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 338