responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 330
والثاني: التمسك بظاهر النصوص في بعض الصفات مع تنزيه الله تعالى عن مشابهة المخلوقين وتأويل بعضها الآخر لأنه في نظرهم يوهم التشبيه، وقد اشتهر بهذا المذهب الأشاعرة والماتريدية, وكان هؤلاء مقبولين عند أهل الحديث من بداية القرن الرابع إلى ما بعد منتصف القرن الخامس، لدفاعهم عن السنة ووقوفهم القوي ضد الجهمية والمعتزلة, ولم يتجاوز الخلاف بينهم حدود الحوار العلمي مع التورع عن الاتهام في العقيدة والحكم بالضلال أو البدعة، وإنما كانوا يعتمدون على مبدأ الحكم بالخطأ على المخالف إذا كان من أهل الاجتهاد، إلى أن ظهر ابن القشيري وكان متعصباً لمذهبه إلى حد الغلو والتشدد، فحول الخلاف الدائر بين طائفتين من أهل السنة إلى شقاق ونزاع [1]، ولخص ابن رجب هذه الفتنة بعد أن ذكر ما قام به الحنابلة من إنكار المنكرات عام أربعة وستين وأربعمائة: ومضمون ذلك أن أبا نصر القشيري ورد بغداد سنة تسع وستين وأربعمائة، وجلس في النظامية، وأخذ يذم الحنابلة وينسبهم إلى التجسيم، وكان المتعصب له أبو سعد الصوفي، ومال إلى نصره أبو إسحاق الشيرازي، وكتب إلى نظام الملك الوزير يشكو الحنابلة ويسأله المعونة، فاتفق جماعة من أتباعه على الهجوم على الشريف أبي جعفر في مسجده، والإيقاع به, فرتب الشريف جماعة أعدهم لرد الخصومة إن وقعت، فلما وصل أولئك إلى باب المسجد رماهم هؤلاء بالآجر، فوقعت الفتنة، وقتل من أولئك رجل من العامة وجرح آخرون وأخذت ثياب، وأغلق أتباع ابن القشيري أبواب سوق مدرسة النظام وصاحوا: المستنصر بالله يا منصور - يعنون العبيدي الفاطمي صاحب مصر - وقصدوا بذلك التشنيع على الخليفة العباسي وأنه ممالئ للحنابلة، ولاسيما والشريف أبو جعفر ابن عمه [2] ... إلخ وللأسف أن يصل بهؤلاء الخلاف إلى حد إظهار الاستعانة بالباطني على الخليفة الشرعي.
ومن ذلك الوقت كان الصراع العنيف يظهر على فترات من التاريخ وأصبح الحكم على المخالفين يتسم بالاتهام بالضلال والبدعة وبالكفر أحياناً, وفي العصر الحديث بلغ الصراع العقدي أشده بين بعض علماء الطرفين وتبادل بعضهم الاتهامات بالضلال والبدعة، خصوصاً من طلاب العلم، والمنهج الحق أن تتسع صدور الفريقين للنقد الهادف وأن تكون هناك حوارات علمية تقوم على اعتبار قواعد الأخوة الإسلامية والأدب العلمي، مع استبعاد قضية البراءة من المخالفين ووصفهم بالابتداع والضلال فضلاً عن الفسق والكفر [3].
6 - ميادين الصراع الفكري في العصر الحديث: إن هذا الصراع الفكري بين علماء

[1] الرسائل الشمولية، ص 67.
[2] ذيل طبقة الحنابلة (1/ 19 - 21) , الرسائل الشمولية، ص 65.
[3] الرسائل الشمولية، ص 67.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 330
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست