اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 328
برز الإمام أحمد بن حنبل في الدفاع عن السنة نُسب أهل السنة إليه فكانوا يسمَّون «الحنابلة» , وقد ظلت المعارك الجدلية قائمة بين علماء السنة ومخالفيهم من المعتزلة والجهمية وتقوى علماء السنة بانضمام أبي الحسن الأشعري ,إليهم وكان دفاعه عن الكتاب والسنة وردُّه القوي على المعتزلة والجهمية سببًا في مكانته المرموقة عند أهل الحديث وقد سُمي أتباع أبي الحسن الأشعري بالأشاعرة وظل الوئام بين أهل الحديث وبين الأشاعرة، وأصبحوا جميعاً ضد المعتزلة ونحوهم [1] وفي ذلك يقول الإمام ابن تيمية: والأشعرية فيما يثبتونه من السنة فرع على الحنبلية، كما أن متكلمة الحنبلية فيما يحتجون من القياس العقلي فرع عليهم، وإنما وقعت الفرقة بسبب فتنة القشيري [2]، وكان من أكبر المنظرين لطريقة أبي الحسن الأشعري فيمن بعده أبو بكر الباقلاني، الإمام العلامة، أوحد المتكلمين، مقدم الأصوليين، القاضي أبو بكر، محمد بن الطيب الباقلاني، صاحب التصانيف, وكان يضرب المثل بفهمه وذكائه ([3])،
وكان ثقة إماماً بارعاً، صنّف في الرَّد على الرافضة والمعتزلة والخوارج والجهمية والكرَّامية وانتصر لطريقة أبي الحسن الأشعري، وقد يخالفه في مضائق فإنه من نظرائه، وقد أخذ علم النظر عن أصحابه [4]، وقد ذكره القاضي عياض في طبقات المالكية، فقال: هو الملقب بسيف السنة، ولسان الأمة، المتكلم على لسان أهل الحديث، وطريق أبي الحسن، وإليه انتهت رئاسة المالكية في وقته، وكان له بجامع البصرة حلقة عظيمة [5]، وقد سار القاضي رسولاً عن أمير المؤمنين إلى طاغية الروم، وجرت له أمور، منها أن الملك أدخله عليه من باب خوخة ليدخل راكعاً للملك ففطِن لها القاضي ودخل بظهره [6]، ومنها أنه قال لراهبهم: كيف الأهل والأولاد؟ فقال الملك: مه, أما علمت أنّ الراهب يتنزه عن هذا؟ فقال: تُنزَّهونه عن هذا، ولا تُنزَّهون ربَّ العالمين عن الصاحبة والولد؟! [7]، وقيل: إنّ الطاغية سأله: كيف جرى لزوجة نبيكم - يقصد توبيخاً - فقال: كما جرى لمريم بنت عمران، وبرأهما الله، لكنَّ عائشة لم تأت بولد، فأفحمه [8]، وكان الحافظ الدارقطني يحترمه ويقدره، فعن أبي ذر الهروي قال: إني كنت ماشياً ببغداد مع الحافظ الدارقطني، فلقينا أبا بكر بن الطيب فالتزمه الشيخ أبو الحسن وقبَّل وجهه وعينيه، فلما فارقناه، قلت له: من هذا الذي صنعت به ما لم اعتقد أنَّك تصنعه وأنت إمام وقتك؟ فقال: هذا إمام المسلمين، والذَّاب عن الَدَّين, هذا القاضي أبو بكر محمد بن الطيب [9].
قال الذهبي: هو الذي كان ببغداد يناظر عن السنة [1] الرسائل الشمولية, د. عبد العزيز الحميدي، ص 64. [2] مجموع الفتاوى (6/ 53) , والقشيري هو أبو نصر عبد الرحيم. [3] سير أعلام النبلاء (17/ 190). [4] سير أعلام النبلاء (17/ 190). [5] المصدر نفسه (17/ 191). [6] المصدر نفسه (17/ 191). [7] المصدر نفسه (17/ 192). [8] المصدر نفسه (17/ 192). [9] المصدر نفسه (17/ 558).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 328