اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 314
ابن عبد الأعلى يقول: سمعت الشافعي يقول: أجيز شهادة أهل الأهواء كلهم إلا الرافضة فإنهم يشهد بعضهم لبعض [1]، وكان الشافعي إذا ذكر الرافضة عابهم أشد العيب فيقول: شر عصابة [2]، وقال: لم أر أحداً أشهد بالزور من الرافضة. وقال في الرافضي: يحضر الوقعة ولا يعطى من الفيء شيئاً لأن الله تعالى ذكر آية الفيء ثم قال: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ} [الحشر: 109]، فمن لم يقل بها لم يستحق. قال القرطبي: هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة لأنه جعل لمن بعدهم حظاً من الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم والاستغفار لهم, وأن من سبهم أو واحداً منهم أو اعتقد فيهم شراً أنه لا حق له في الفيء, روي ذلك عن مالك وغيره قال مالك: من كان يبغض أحداً من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - أو كان في قلبه عليهم غل فليس له حق في فيء المسلمين, ثم قرأ {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ} [3]. ولعل الإمام الشافعي -رحمه الله- أخذ هذا القول عن الإمام مالك فهو شيخه كما هو معلوم [4].
4 - الشافعي واتهامه بمذهب الشيعة الرافضة: ومع هذا الوضوح في عقيدة الإمام الشافعي وبعده عن مذهب الشيعة الرافضة وتبديعه لهم ورده لشهادتهم ومنعه من الصلاة خلفهم نجد من يتهم الإمام بالتشيع, وهذا من أعجب العجب؛ فمن صدرت منه كل هذه الأقوال في حق الشيعة كيف يتهم بالتشيع؟! وقد مر بنا موقفه من الصحابة عموماً وموقفه من الخلفاء الراشدين وموافقته لأهل السنة في ترتيب الخلفاء فكيف ينسب إلى التشيع؟! [5]. قال البيهقي: ومما حكي عن أبي داود السجستاني أن أحمد بن حنبل أخبر أن يحيى بن معين ينسب الشافعي إلى التشيع فقال أحمد: تقول هذا لإمام المسلمين!! قال يحيى: إني نظرت في كتابه في قتال أهل البغي، فإذا قد احتج من أوله إلى آخره بعلي - رضي الله عنه - , فقال أحمد: عجباً لك، فمن كان يحتج الشافعي في قتال أهل البغي وأول من ابتلى من هذه الأمة بقتال أهل البغي علي بن أبي طالب؟! وهو الذي سن قتالهم وأحكامهم, وليس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن الخلفاء غيره فيه سنة فبمن كان يستن؟! فخجل يحيى من ذلك [6]، وروى البيهقي بسنده عن أبي عبد الله أحمد بن حنبل وسئل عن محمد بن إدريس الشافعي قال أحمد: لقد منّ الله علينا به, لقد كنا تعلمنا كلام القوم وكتبنا كتبهم حتى قدم علينا الشافعي، فلما سمعنا كلامه علمنا أنه أعلم من غيره وقد جالسناه الأيام والليالي، فما رأينا معه إلا كل خيرًا -رحمة الله عليه- [1] آداب الشافعي ومناقبه، ص 189. [2] مناقب البيهقي (1/ 468). [3] تفسير القرطبي (18/ 32). [4] منهج الإمام الشافعي في إثبات العقيدة، ص 487. [5] منهج الإمام الشافعي في إثبات العقيدة، ص 487. [6] مناقب البيهقي (1/ 450 - 541).
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد الجزء : 1 صفحة : 314