responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 311
سادساً: توحيد الأسماء والصفات:
قال الشافعي في أول خطبة الرسالة: الحمد لله الذي هو كما وصف به نفسه وفوق ما يصفه به خلقه [1]، فبينَ رحمه الله - أن الله موصوف بما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - [2]، ومن هذا النص وغيره نعرف مذهب الشافعي فقد ذكر أبو يعلى بسنده عن يونس بن عبد الأعلى المصري قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي يقول وقد سئل عن صفات الله وما ينبغي أن يؤمن به فقال: لله تبارك وتعالى أسماء وصفات جاء بها كتابه وأخبر بها نبيه - صلى الله عليه وسلم - أمته لا يسع أحداً قامت عليه الحجة ردها لأن القرآن نزل بها وصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القول بها فيما رَوى عنه العدل, فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو بالله كافر، فأما قبل ثبوت الحجة عليه من جهة الخبرة فمعذور بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالرؤية والفكر .. فإن هذه المعاني التي وصف الله بها نفسه ووصفه بها رسوله - صلى الله عليه وسلم - مما لا تدرك حقيقته بالفكر والرؤية فلا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها، فإن كان الوارد بذلك خبراً يقوم في الفهم مقام المشاهدة في السماع وجبت الدينونة على سامعه بحقيقته والشهادة عليه كما عاين وسمع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ولكن يثبت هذه الصفات وينفي التشبيه كما نفى ذلك عن نفسه تعالى ذكره فقال: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11]. وقال ابن كثير وقد روي عن الربيع وغير واحد من رءوس أصحابه ما يدل على أنه كان يمر بآيات الصفات وأحاديثها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تحريف على طريقة السلف [3]، ومما سبق يتضح لنا مذهب الشافعي رحمه الله في الباب ويتخلص في القواعد الآتية:
الأولى: يثبت لله جميع الأسماء والصفات التي نطق بها القرآن أو دلت عليها السنة الصحيحة إثباتاً بلا تشبيه وتنزيهًا بلا تعطيل على حد قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.
الثانية: ينزه الله سبحانه وتعالى عن مشابهة خلقه مع إثبات حقيقة هذه الصفات.
الثالثة: التوقف عن الخوض فيما لا مجال للعقل فيه من اليأس وقطع الطمع عن إدراك كيفية هذه الصفات كما روى ابن أبي حاتم بسنده عن أبي إسحاق بن محمد قال: سمعت الشافعي يقول: إن للعقل حداً ينتهي إليه كما أن للبصر حداً ينتهي إليه [4].

[1] المناقب للبيهقي (2/ 109).
[2] الرسالة، ص 7، 8.
[3] منهج الإمام الشافعي في إثبات العقيدة، ص 335.
[4] آداب الشافعي ومناقبه، ص 271.
اسم الکتاب : دولة السلاجقة وبروز مشروع إسلامى لمقاومة التغلغل الباطني والغزو الصليبي المؤلف : الصلابي، علي محمد    الجزء : 1  صفحة : 311
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست